ثم رحل من بغداد إلى الشمال متجها إلى آسيا الصغرى وحرب بايزيد العثمانى، وانضم إلى جيشه التركمان فى قيسارية وسيواس وتقدم نحو سهل أنقرة وكاتب من مع بايزيد من التتار وأنه أولى بأن ينضموا إليه لأنهم من أبناء جلدته، فوعدوه أن ينضموا إليه حين تدور رحى الحرب بينه وبين بايزيد، وكان بايزيد قد نكل ببعض أمراء السلاجقة واستولى على بلدانهم، فانضموا إلى تيمور لنك. والتقى الجيشان فى الشمال الشرقى من أنقرة فى التاسع عشر من ذى الحجة عام ٨٠٤ وانفض عن بايزيد جنوده التتار منضمين إلى تيمور كما وعدوه وكانوا معظم عسكره، وتلاهم ولده عثمان الذى عاد بجنده إلى مدينة بروسة، ولم يبق مع بايزيد إلا نحو خمسة آلاف فارس، فثبت بهم إلى أن أخذ أسيرا على بعد ميل من أنقرة وكان قد حاول الفرار، وأكرمه تيمور، وأسف لموته فى شعبان سنة ٨٠٥ وأذن بدفنه تكريما له فى جامع بروسة.
وعاد تيمور إلى سمرقند عاصمته، واستقبل فيها كثيرا من السفراء من بينهم سفير ملك قشتالة. وزيّن عاصمته بالقصور الفخمة مستعينا بمن جلبهم إليها من بنّائى الفرس وغيرهم، وكان يعطف بوصفه مسلما على العلماء ورجال الدين من الصوفية وخاصة دراويش الطريقة النّقشبندية وقد استطاع فعلا أن يستعيد مملكة جنكيز خان من موسكو إلى نهر الكنج ومن حدود الصين حتى سوريا ورأى مقتديا بسلفه أن يستولى على الصين، فأرسل إليها حملة فى سنة ٨٠٧ غير أنه لم يلبث أن مرض وتوفى فى شعبان من نفس السنة بإحدى المدن فيما وراء النهر، ونقل إلى عاصمته ودفن بها فى ضريح فخم لا يزال قائما بها إلى اليوم.
وتوزعت إمبراطوريته بين ولديه: شاه رخ وميران شاه، وكان للأول النصيب الأكبر فحكم خراسان وسجستان وماوراء النهر وإيران، وحكم ميران شاه العراق وأذربيجان والكرج أو جورجيا، وكان يخضع لسلطان أخيه، ولم يلبث أن قتل فى حربه مع قرا يوسف التركمانى صاحب تبريز سنة ٨١٠ هـ/١٤٠٧ م فدخلت بلاده فى حوزة أخيه، فأصبح يحكم كل مملكة أبيه تيمور لنك ما عدا الشام والعراق وعربستان، وقد بسط سلطانه على الصين والهند، وعاش طويلا حتى سنة ٨٥٠ هـ/١٤٤٧ م وكان يرعى العلوم والآداب فى مملكته الواسعة.
وخلفه ابنه ألغ بك وكان عالما فلكيا واهتم برعاية الأدبين الفارسى والتركى غير أنه قتل بعد سنتين بيد ابنه عبد اللطيف. وينتاب الدولة التيمورية اضمحلال سريع، ويتقاتل