وخلفه الملك رياط وفى عهده حدثت حرب مع الحبشة سنة ١٠٢٧ هـ/١٧١٨ م اكتفت فيها الحبشة بما استولت عليه من بعض الغنائم، وولى بعده ابنه بادى أبو دقن سنة ١٠٥٤ هـ/١٧٤٥ م ويقول عنه كاتب الشونة: «هو من ذوى الشجاعة والكرم والهمم العالية، وقد غزا النيل الأبيض وفتك بسكانه المعروفين بالشلوك وغزا جبال تقلى غربى النيل الأبيض بنحو مرحلتين، وصالح ملكها على جزية سنوية جعلته تابعا لمملكة الفونج. وبنى بعاصمته سنار جامعا وقصرا لدواوين الحكومة، وكان مكرما لأهل العلم، وكان يرسل بهدايا إلى علماء الأزهر ونظمت فيه عدة مدائح وخاصة من الشيخ عمر المغربى الأزهرى وفيه يقول من قصيدة طويلة:
هو الملك المنصور بادى الذى له ... مدائح قد جلّت عن العدّ والحصر
ودام حكمه نحو خمس وثلاثين سنة، وخلفه ابن أخيه أونسة ود ناصر، وفى عهده حدثت مجاعة، وتم لقبائل الشائقية التى كانت تنزل فى شمالى السودان بمنطقة حلفا استقلالها عن العبدلاّب وبالتالى عن سنار، وكانوا أهل بسالة وشجاعة، وكانت تقدمهم فى الحرب امرأة فاقت فى الفروسية وفنون الحرب نظراءها من الرجال وكانت تسمى عديلة، وهى التى حرضت ابنها عثمان على خلع طاعة ودعجيب أمير العبدلاّب، ونشبت بينهما الحرب وانتصر عثمان ومنح ودعجيب الشائقية استقلالها. ونشطت فرنسا فى إرسال بعثات تبشيرية إلى الحبشة تريد أن تخرجها من مذهبها اليعقوبى القبطى فى المسيحية إلى مذهبها الكاثوليكى وباءت جميعا بالإخفاق الذريع لا فى الحبشة وحدها بل أيضا بين مسيحيىّ سنار. وتتطور الظروف فى دولة الفونج، ويستولى على صولجان الملك فيها بادى أبو شلوخ سنة ١١٣٧ هـ/١٧٢٤ م وتعود الحبشة إلى الشغب على حدود مملكة سنار، وفى سنة ١١٥٧ هـ/١٧٤٤ م سار ياسوس إمبراطور الحبشة على رأس جيش متجها نحو مملكة سنار، وأمر بحرق القرى السودانية وقتل الناس وأخذ إبلهم وأنعامهم، وعسكر قسم كبير من الجيش الحبشى أمام سنار ولقيه جيشها وهزمه، وكان الإمبراطور معسكرا مع بقية الجيش بعيدا فلما بلغته الهزيمة آثر السلامة وعاد بجيشه إلى بلاده. ويقول كاتب الشونة فى حديثه عن هذه الحرب ونهايتها: «فرح الملك بادى وأهل سنار ووفّوا بنذورهم وعملوا الموالد وذبحوا الذبائح وأقاموا ولائم ونشروا الحرير وزيّنوا المسجد والسوق سبعة أيام وسمع سلطان الروم (الخليفة العثمانى) بذلك ففرح بنصرة الإسلام والدين». ولم يحاول الأحباش بعد ذلك غزو السودان ودولة الفونج. وأخذت سياسة الملك بادى تسوء سوءا شديدا وغيّر كثيرا من القوانين واستعان بأهل النوبة مفضلا لهم فى الوظائف العليا على الفونج، وغضب الشعب غضبا شديدا، غير أنه انتظر نتيجة حملة كردفان سنة ١١٦٠ هـ/١٧٤٧ م ونجحت الحملة وضمت كردفان إلى دولة الفونج، وقرر الشعب وقادة الجيش خلع بادى وتولية ابنه ناصر ملكا بعده.