للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقاليم الخزر وآسية الصغرى واستولى على الرّها وتكريت وآمد وحاصر بغداد-كما مر فى قسم العراق-سنة ٧٩٥، وسار فى سنة ٨٠١ إلى الهند وعبر نهر السند واستولى على دلهى. ثم اتجه شرقا فى سنة ٨٠٣ فاستولى على سيواس وملطية فى آسية الصغرى، ودخل ديار الشام، واستولى على حلب وحماة وحمص وبعلبك ودمشق. ولم يفكر فى متابعة حملاته إلى الجنوب حتى مصر، وكأن ذكرى هزيمة أسلافه التتار فى عين جالوت أمام المصريين كانت لا تزال ماثلة نصب عينيه، ويستولى على بغداد. ويتجه إلى آسية الصغرى فى سنة ٨٠٤ وتدور رحى حرب طاحنة بينه وبين العثمانيين بقيادة بايزيد ويهزمون هزيمة ساحقة.

ويعود تيمور لنك إلى عاصمته سمرقند سنة ٨٠٧ ويعدّ حملة كبيرة على الصين، وتسير الحملة فى وجهتها، غير أن أجله يوافيه، فيتوفّى عن واحد وسبعين عاما بعد أن حكم هذه الإمبراطورية الضخمة ستا وثلاثين سنة. وقد ملأ سمرقند بالعمائر الفخمة، وضريحه فيها آية من آيات العمارة الرائعة. وكانت فتوحاته أقل بقاء وأقصر عمرا من فتوحات جنكيز خان وخلفائه، فبمجرد أن مات رجعت سوريا وآسية الصغرى إلى حكامها الأصليين.

وتوزع ابناه: شاه رخ وميران شاه إمبراطوريته-كما مر فى قسم العراق-فكان شطرها الشرقى الشامل لإيران من نصيب شاه رخ، بينما كانت العراق وأذربيجان والقوقاز من نصيب ميران شاه. وتوفى سنة ٨١٠ فضم نصيبه شاه رخ إلى سلطانه، وكان يتخذ هراة بأفغانستان عاصمة له إلى أن توفى سنة ٨٥١ للهجرة. وخلفه ابنه ألغ بك (٨٥١ - ٨٥٣ هـ‍.) وكان راعيا كبيرا للفن والأدب الفارسيين. وولى بعده بو سعيد (٨٥٤ - ٨٧٤ هـ‍.) وكان سلطانه وطيدا فى دياره إلى حدود الهند. وأعقبه حسين بايقرا (٨٧٤ - ٩٠٢ هـ‍) وفى عهده أصبحت سمرقند مركزا مهما من مراكز الثقافة الإسلامية.

ولم تلبث هذه النهضة أن توقفت فإن قبيلة أوزبك التركمانية بقيادة زعيمها شيبانى قضت على التيموريين فى الشرق، وفرّ آخر حكامهم سنة ٩٠٦ إلى الهند وأسس هناك دولة المغول العظام.

وكانت قبيلة قرايوسف التركمانية قد استولت على غربى إيران، واتخذت تبريز عاصمة لها. ولم يلبث قرايوسف أن استولى على العراق سنة ٨١٣ وظل التركمان يحكمونه هو وغربى إيران كما مر بنا فى قسم العراق حتى ظهر إسماعيل الصفوى (٩٠٧ - ٩٣٠ هـ‍) واستولى على إيران جميعها وأسس بها دولة جديدة هى الدولة الصفوية. وفى قسم العراق حديث عنه وعن دولته أكثر تفصيلا، وكانت تمتد شرقا إلى هراة وغربا حتى شملت العراق جميعه.

وجعل دولته دولة إيرانية قومية، متخذا العقيدة الإمامية الشيعية عقيدتها الرسمية، مما دفعه هو وخلفاؤه إلى الاشتباك فى حروب متوالية مع الترك العثمانيين السنيين. وظل حكم الدولة

<<  <  ج: ص:  >  >>