على ثرى حلّه ابن بنت رسو ... ل الله مجروحة جوارحه.
وسيق نسوانه طلائح أح ... زان تهادى بهم طلائحه
والقصيدة تفيض-على هذا النحو-أسى ولوعة لمقتل الحسين وبعض آله معه، ويسمىّ ذلك ذبحا، فيبلغ كل ما يريد من التأثر لسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدعو له الغيث أن يظل يهمى كل شارقة أو كل يوم على الثرى الذى ضم هذا الجسد الطاهر الجريح. ويصور بشاعة العدوان الأثيم حين ساق مرتكبوه نساء آل البيت منهكات معييات، حتى لقد أصاب الإبل التى حملتهن ما أصابهن من الإعياء والإجهاد والكلال. ويمضى فى القصيدة فيتحدث عن على بن أبى طالب وشجاعته وبأسه وخدماته للإسلام ورسالته، كما يتحدث عن علومه الزاخرة. ويستهل كشاجم القصيدة الثانية، وهى همزية بإعلان حبه لأهل الكساء الخمسة الذين تحدثنا عنهم:
الرسول والسيدة فاطمة وعلى بن أبى طالب وابناه: الحسن والحسين. ويذكر ما يعتقده الشيعة من أن الرسول أوصى بالإمامة لعلى فى غدير خمّ، ويذكر أن له معجزات جمة وأنه بحر علوم سماوية، ثم يأخذ فى بكاء الحسين وأن الأمويين ثأروا فيه لقتلاهم فى غزوة بدر يقول:
لئن وتر القوم فى بدرهم ... لقد ثأر القوم فى كربلاء
بها هتكت حرم المصطفى ... وحلّ بهنّ عظيم البلاء
وساقوا رجالهم كالعبيد ... وحازوا نساءهم كالإماء
ولو كان جدّهم شاهدا ... لشيّع أظعام بالبكاء
والأبيات بالغة التأثير فى وصفها لهول يوم كربلاء وما كان فيه من هتك لحرمة نساء آل البيت ورجالهم، أما الرجال فساقوهم سوق العبيد، وساقوا النساء سوق الإماء، فيا للفظاعة، ولو شاهد الرسول هذه المأساة ما اكتفى بالدموع كما يقول كشاجم، بل لأعاد غزوة بدر ثانية، دفاعا عن سبطه وآله.
ويلمّ كشاجم فى القصيدة الثالثة بالحسين وآل البيت وما أصابهم فى كربلاء إلماما سريعا، وكأنما أراد أن يفردها لعلى سيد الأوصياء كما يقول، الجواد البطل، ويسترسل فى فضائله قائلا:
وكم شبهة بهداه جلا ... وكم خطّة بججاه فصل
وكم أطفأ الله نار الضّلال ... به وهى ترمى الهدى بالشّعل