الفاطميين نقل الخليفة الفاطمى العزيز جنده من بنى هلال وبنى سليم إلى صعيد مصر، وبعث بهم المستنصر بعده إلى المغرب، فخربوا مدن تونس وملكت سليم شرقى البلاد وبنو هلال غربيها. وكان قد انضم إلى الأعصم فى حربه للفاطميين شيخ طيئ: حسان بن الجراح، حتى إذا انهزم الأعصم دنا من العزيز وأكرمه، وتظل لبنى الجراح رياستهم لطيئ وعرب بادية الشام طوال العهد الفاطمى، ويتوفى حسان سنة ٣٦٧ ويخلفه أخوه دغفل المفرج ويستولى على الرملة بفلسطين، ويتولى زعامة طئ بعده ابنه حسان سنة ٤٠٤ وكان يعين الفاطميين فى حروبهم واستولى على عسقلان سنة ٤١٤ وعلى أفاميه سنة ٤٢٢ ولا نجد له ذكرا بعد سنة ٤٣٣ ومن أهم شيوخ بيته بعده فضل بن ربيعة حليف قرواش صاحب الموصل.
وإذا اتجهنا إلى الشرق وجدنا بنى خفاجة من عقيل بن عامر وقد توغلوا نحو اليمامة، وزحزحتهم فتنة القرامطة صوب حدود العراق، فملكوا ضواحيه، وأصبحوا سادة الكوفة فى ظل أميرهم عليان بن ثمال الخفاجى الذى أسس هناك إمارة بنى ثمال سنة ٣٧٤ للهجرة وخلفه فيها أبناؤه، ونظل نسمع عن غاراتهم مع أبناء عمومتهم بنى المنتفق بن عامر بن عقيل طوال القرن الخامس الهجرى وحتى منتصف القرن السادس إذ كانوا يغيرون على الأنبار والعراق إغارات متصلة، وكانوا لا يزالون ينزلون فى هذه الأنحاء فى بطائح البصرة وواسط حتى عصر ابن خلدون متنقلين بخيامهم من مكان إلى مكان.
ونزحت قبائل وعشائر كثيرة لبنى عقيل بن عامر إلى الموصل فى الشمال الشرقى من الجزيرة واستطاعوا أن يقيموا لأنفسهم فيها إمارة كان أول أمرائها ومؤسسها أبا الزّهّار محمد ابن المسيب العقيلى الذى تغلب على الموصل سنة ٣٨٠ وخلفه أخوه المقلّد العقيلى الذى اتسعت مملكته، وقد حارب بنى خفاجة واضطرهم إلى الدخول فى طاعته، وكان شاعرا ومحبّا لأهل الأدب وقتله أحد مماليكه الأتراك غيلة سنة ٣٩١ ورثاه الشريف الرضى بقصيدتين وجماعة من الشعراء. وخلفه ابنه قرواش، وكان يمد سلطانه على الموصل جميعه والكوفة والمدائن وسقى الفرات، وأدّب بنى خفاجة مرارا، وكان كريما وهابا نهابا، كما كان شاعرا مجيدا. ودامت إمارته نحو خمسين سنة حتى قبض عليه أخوه بركة وحبسه فى إحدى قلاع الموصل سنة ٤٤١ وتولى مكانه. وتوفى بعد سنتين، فخلفه ابن أخ له يسمى قريش بن بدران، وكان أول ما فعله قتل عمه قرواش وتوفى سنة ٤٥٣ فخلفه ابنه مسلم إلى أن قتل سنة ٤٧٨ وكان حسن السيرة عادلا، كما كان ممدّحا، مدحه ابن حيّوس شاعر