للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عمره وريما يكون سكن الشاعر لبعلبك ودمشق الذى ذكره مترجموه فى هذا التاريخ. وكان يلمّ بحلب، ونجده سنة ٦٤٧ فى صحبة أميرها الناصر يوسف فى زيارته لمصر. ويعود إلى حماة وتنعقد صلة وثيقة بينه وبين سلطانها المنصور إلى توفى سنة ٦٦٢ للهجرة.

وكانت تعقد فى هذه البلدان جميعا لعبد العزيز الأنصارى الحلقات لسماع الحديث عنه، وممن سمعه منه الحافظ الدمياطى محدث مصر واليونينى محدث دمشق، ويقول ابن تغرى برى عنه: «برع فى الفقه والحديث والأدب وأفتى ودرس وتقدم عند الملوك وترسّل عنهم غير مرة، وكان شاعرا بارعا» وينقل صاحب الفوات عن الصفدى فى وصف شعره وشاعريته قوله:

«لا أعرف فى شعراء الشام بعد سنة خمسمائة وقبلها من نظم أحسن منه ولا أجزل ولا أفصح ولا أصنع ولا أسرى ولا أكثر، وإن له فى لزوم ما لا يلزم ديوانا كبيرا، وما رأيت له شعرا إلا وعلقته، لما فيه من النكت والتوريات الفائقة والقوافى المتمكنة والتركيب العذب واللفظ الفصيح والمعنى البليغ» وهو يمتاز بجمال موسيقاه وعذوبة ألفاظه وحسن جرسها حسنا بديعا.

وطبيعى والأنصارى شيخ الشيوخ الفقيه المحدث أن يعنى فى شعره بالمديح النبوى والزهد والوعظ، ومن قوله فى أول مدحة نظمها للرسول الكريم وقد أنشدها تجاه حجرته الشريفة:

يا خاتم الرّسل الكرام وفارج ال‍ ... كرب العظام بفعله والمقول

ها قد وردنا من ضريحك موردا ... نشفى به من كل داء معضل

أدعوك للجلّى وتلك شفاعة ... لم ترض لى أنى أخاف وأنت لى

ولقد أتيتك مادحا لتجيزنى ... فى الحشر كاسات الرّحيق السّلسل

وهو يستغيث بالرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم خاتم الرسل ومفرّج الكرب الذى ورد على جدثه الطاهر ومعينه العاطر الذى يشفى من كل داء عضال أن يكون شفيعا له يوم الحشر وأن يتيح له فيه-حين يشتد بالناس أوار العطش ولهيبه-كاسات من الرحيق الصافى. ويقول فى مدحة نبوية ثانية:

ويلاى؟ ؟ ؟ من نومى المشرّد ... وآه من شملى المبدّد

غصن نقا حلّ عقد صبرى ... بلين خصر يكاد يعقد

فمن رأى ذلك الوشاح ال‍ ... صّائم صلّى على محمّد

<<  <  ج: ص:  >  >>