الرومانثية لقيل:«أبو الرماد» لا الرمادى. وقد تتلمذ لأبى على القالى وروى عنه كتاب النوادر الملحق بالأمالى، وله فيه مدحة بديعة. ويبدو أنه درس كتبه بعده للطلاب إذ يذكر ابن سعيد بين طلابه بقرطبة أميرا من بنى ذى النون الطليطليين. وأخذ يشتهر فى الشعر منذ عصر الحكم المستنصر، ويقول الفتح بن خاقان فى المطمح إنه: شاعت عنه أشعار فى دولة الحكم ورجالها سدّد إليهم سهاما فأوغرت عليه الصدور، وسجنه الحكم دهرا، ثم ردّت إليه حريته بعد وفاته، وفى سجنه ألف كتابا عن الطير ختم كل حديث له فى طائر بأبيات فى مديح الحكم ولكنها لم تلن قلبه، ويبدو أنه بدأ اللمز له ولرجاله حين أمر بإراقة الخمور فى جميع الجهات بالأندلس، إذ نرى للرمادى قصيدة يتوجع فيها متألما لشاربيها.
وفى أشعاره بعض خمريات وبعض غزل فى الغلمان ولا ندرى أكان ينظم فى ذلك عن عاطفة حقيقية أو محاكاة لأبى نواس وأضرابه من المشارقة، إذ نراه يصرح مع خمرياته وغزلياته فى السقاة بمثل قوله:
فتّحت الجنّة من جيبه ... فبتّ فى دعوة رضوان (١)
مروّة فى الحبّ تنهى بأن ... يجاهر الله بعصيان
وقوله:
وما بى فخر بالفجور وإنما ... نصيب فجورى الرّشف والشّفتان
وأكبر الظن أنه لم يكن ماجنا. ويقال إنه كما مدح الحكم المستنصر مدح المنصور بن أبى عامر حاجب ابنه المؤيد، ولم يصلنا شئ من مدائحه لهما، وعاش عشر سنوات بعد ابن أبى عامر إذ توفى سنة ٤٠٣. وقد سقط ديوانه من يد الزمن غير أن الذخيرة والجذوة والمغرب واليتيمة للثعالبى تحتفظ جميعا بغزل له غير قليل، وهو يطبع بطابعين: طابع الرقة البيّن فى مثل قوله:
هو ظالمى لكن أرقّ عليه ... من أن أجيل اللحظ فى خدّيه
أعفيت رقّة وجنتيه من أذى ... عينى وما أعفيت من عينيه
ومع ما يحمل البيتان من رقة متناهية إذ يقول إنه يخاف على خدود صاحبته من نظراته أو كما يسميها أذى عينه يحملان أيضا الخاصة الثانية فى غزله، وهى البعد فى التصور حتى ليصبح وهما من الأوهام على نحو ما أصبحت نظراته أذى يوشك أن يلم بالخدود، ولعله