للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مثل الفرس ذوى الأبصار ... الثوب رهن فى يد القصّار (١)

نال الحمار بالسقوط فى الوحل ... ما كان يهوى ونجا من العمل

والعنز لا يسمن إلا بالعلف ... لا يسمن العنز بقول ذى لطف (٢)

البحر غمر الماء فى العيان ... والكلب يروى منه باللسان (٣)

من لم يكن فى بيته طعام ... فماله فى محفل مقام

كان يقال: من أتى خوانا ... من غير أن يدعى إليه هانا (٤)

ويعلّق الثعالبى بعد ذكره لبعض أمثال المزدوجة بقوله: «وكان أبو الفضل السكرى مولعا بنقل الأمثال الفارسية إلى العربية» وينشد طائفة كبيرة من الأبيات اختارها من نقله وترجماته الأخرى غير مزدوجة، من ذلك قوله:

إذا لم تطق أن ترتقى ذروة الجبل ... لعجز فقف فى سفحه هكذا المثل

وقوله:

فى كلّ مستحسن عيب بلا ريب ... ما يسلم الذهب الإبريز من عيب

وقوله:

ادّعى الثّعلب شيئا وطلب ... قيل هل من شاهد؟ قال: الذّنب

وقوله:

تبختر إخفاء لما فيه من عرج ... وليس له فيما تكلّفه فرج

وأبو الفضل إنما هو رمز لتعلق الناس بالأمثال، وهو تعلق مرجعه إلى أنها تحمل خبرات الإنسان فى عصور طويلة، ولذلك كان لكل أمة أمثالها التى تحفظها الأجيال من جيل إلى جيل، وهى لذلك تدخل فى باب الآداب الشعبية، لأنها تتداول على ألسنة الشعب، وكأنها عملات لغوية عامة، كلّ يستخدمها، وكل يلفظ بها عند مناسبتها، وكأنما يلقى بها الكلمة التى لا ترد، ولذلك سميت حكمة، فهى حكمة الشعوب وخبرتها مركزة فى قطرات أو كلمات.


(١) القصار: صابغ الثياب
(٢) لطف: رفق.
(٣) الماء الغمر: الكثير العميق.
(٤) الخوان: مائدة الطعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>