إلى الإسكندرية، فعاد إليها سنة ٧٧٢ هـ/١٣٧٠ م فى أسطول، فحاصرها، وأعانه أهلها فى استيلائه عليها، حتى يتخلصوا من عبد الرحمن لسوء سيرته. ولما استولى عليها أبو بكر استسلم له عبد الرحمن، فأرسله مكرّما إلى بلدة قومه قابس، وظل أبو بكر يدبّر شئون طرابلس عشرين سنة. وخلفه عليها أخوه عمران حتى سنة ٨٠٠ هـ/١٣٩٧ م وأخذ أبناء الأسرة يحملون السلاح بعضهم ضد بعض، وحاول أحدهم وهو على بن عمار الاستعانة بملك صقلية المسيحى مما جعل السلطان الحفصى أبا فارس عبد العزيز يذهب إلى طرابلس بنفسه سنة ٨٠٣ هـ/١٤٠٠ م ويعزل عنها آخر ولاتها من بنى عمار: يحيى بن أبى بكر ويعيدها إلى حظيرة الدولة الحفصية ويولى عليها أحد قواده، وبذلك انتهت دولة بنى عمار فى طرابلس. وظل الولاة الحفصيون يلون شئونها فى القرن التاسع الهجرى، وكانوا يوجهون إليها أحيانا بعض حملات، وآخرها حملة أبى عمرو عثمان الحفصى سنة ٨٦٣ وبلغ فيها تاجوراء شرقى طرابلس. وحين أخذت الدولة الحفصية فى الضعف أخذت طرابلس تحكم حكما ذاتيا بمجلس شورى يرأسه أحد الشيوخ النابهين، وكان آخرهم الشيخ عبد الله الذى رأس مجلسها وحكمها منذ سنة ٨٩٨ هـ/١٤٩٢ م إلى أن هاجمها الأسطول الإسبانى سنة ٩١٦ هـ/١٥١٠ م.
وكان يتولّى إسبانيا فرديناند الكاثوليكى الذى استولى على غرناطة من يد أبى عبد الله الصغير وأخرج العرب من الأندلس وقد سوّل له شيطانه أن يستأنف الحرب الصليبية بتعقبهم فى الساحل الإفريقى الذى نزلوا فيه، ولم يكن للدولة الزيانية فى الجزائر ولا للدولة الحفصية فى تونس وطرابلس أسطول يحمى الساحل الإفريقى، واستطاع أسطول فرديناند الاستيلاء على المرسى الكبير فى الجزائر سنة ٩١٠ هـ/١٥٠٥ م وعلى وهران سنة ٩١٤ هـ/١٥٠٨ م. وفى سنة ٩١٦ هـ/١٥١٠ م هاجم الأسطول الإسبانى طرابلس، واحتلها بعد مقاومة عنيفة من أبنائها استشهد فيها منهم كثيرون، وخرج منها أكثر سكانها إلى تاجوراء واتخذوها مركزا لمقاومة العدو الصليبى، وبذلك توقف كل ما كان بطرابلس من نشاط وتعطلت حركتها التجارية بينها وبين الإسكندرية والشرق وأيضا بينها وبين صقلية والبندقية وجنوة فى الغرب وساءت أحوال أهلها الاقتصادية، وفى سنة ٩٣٦ هـ/١٥٣٠ م سلم المدينة شارل الخامس ملك إسبانيا إلى فرسان مالطة المعروفين باسم القديس يوحنا، وظلت الأحوال فى طرابلس تزداد سوءا على سوء، وظل كثير من سكانها يغادرونها إلى مدينة تاجوراء مركز المقاومة.