للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يعاصر الأشعرى الماتريدى السمرقندى المتكلم، ومذهبه مثل مذهب الأشعرى فى التوفيق بين آراء المعتزلة وآراء أهل السنة، ولم يشع مذهبه فى العالم العربى إنما الذى شاع مذهب الأشعرى حتى فى بيئة الماتريدى فى خراسان، ومن أكبر مؤيديه هناك إمام الحرمين الجوينى المتوفى سنة ٤٧٨ هـ‍/١٠٨٥ م الذى رأس المدرسة النظامية فى نيسابور، ويتردد اسم كتابيه البرهان والإرشاد فى أصول الدين فى تراجم عنوان الدراية للغبرينى فى القرنين السادس والسابع وتراجم الكتب التالية. وحاول جزائريون كثيرون أن يكتبوا فى علم الكلام-أو كما يسمى أحيانا علم التوحيد-وخاصة منذ القرن التاسع الهجرى، وكانت تكتب فيه قصائد وتشرح، ولعل أحدا لم تنل أعماله من الشهرة فيه ما ناله الحافظ محمد بن يوسف السنوسى المتوفى سنة ٨٩٥ هـ‍/١٤٩٠ م كما مر بنا فى علوم الأوائل وهو من كبار المفسرين والمحدثين، ويعد كبير علماء الجزائر فى زمنه، وقدم له أحمد بن عبد الله الجزائرى قصيدته فى علم التوحيد المسماة باسم «القصيد فى علم التوحيد» فشرحها وشاعت باسم الجزائرية وأيضا شرح لتلميذه أحمد بن عبد الرحمن الحوضى فى نفس الموضوع أرجوزته: «واسطة السلوك، ثم رأى أن يؤلف فى نفس الموضوع فألف فيه ثلاثة أعمال: العقيدة الكبرى وشرحها، والعقيدة الوسطى وشرحها، ثم العقيدة الصغرى وشرحها.

وهذه الأعمال سيطرت فى مباحث علم الكلام على الدارسين منذ وضعها وطوال العهد العثمانى لا فى الجزائر وحدها بل فى بلدان المغرب والعالم الإسلامى، وقد وضعت على العقيدة الصغرى شروح لا تكاد تحصى، يتقدمها شرح تلميذه محمد بن عمر الملالى وشرح عمر الوزان فى قسنطينة وتلميذه عبد الرحمن الأخضرى صاحب متن السلم فى المنطق وشرح ابن مريم صاحب كتاب البستان المتوفى سنة ١٠١٤ هـ‍/١٦٠٥ م وشرح سعيد قدورة المتوفى سنة ١٠٦٦ هـ‍/١٦٥٦ م وشرح مصطفى الرماصى فى أوائل القرن الثانى عشر الهجرى وشرح خليفة القمارى بأخرة من هذا القرن إلى غير ذلك من شروح للعقيدة الصغرى، سوى ما وراءها من شروح للعقيدتين الأخريين ومن كتب أخرى فى علم الكلام أو علم التوحيد.

وللإباضيين نشاط واضح فى هذا العلم من قديم، على نحو ما نجد عند عبد الكافى الورجلانى فى القرن الخامس الهجرى، إذ له «الموجز فى علم الكلام» كتاب فى جزءين، ولتلميذه يوسف بن إبراهيم الورجلانى «الدليل والبرهان» فى علم الكلام، ولعمرو بن جميع فيه مختصر باسم «متن عقيدة التوحيد» عنى به علماء الإباضية وشرحوه مرارا، ولعبد العزيز الثمينى كتاب «معالم الدين» فى علم الكلام وأصول الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>