للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر حدود الشعر ويتحدث عن سرقات المتنبى وعيوبه ويوازن بين معانيه ومعانى أبى تمام والبحترى، والتجنى على المتنبى واضح فى الكتاب، فلم يكن يمسك فى يده بمعايير نقدية منصفة. ومع ذلك فإن كثيرين من نقاد المتنبى بعده حملوا عنه نقده وأذاعوه فى كتبهم ودراساتهم. ويشغل كثيرون بالمتنبى فى جميع البلدان العربية، وسنرى فى إيران مباحث كثيرة عنه وعن شعره.

ويلقانا فى العراق ابن الدهان (١) سعيد بن المبارك المتوفى سنة ٥٦٩ وله رسالة فى سرقات المتنبى سماها «الرسالة السعيدية فى المآخذ الكندية» وقد وقف فيها طويلا عند سرقاته من أبى تمام الطائى، وعنى ببيان سرقاته من البحترى الطائى أيضا، ولذلك قد تسمى فى بعض المصادر باسم «المآخذ الكندية من المعانى الطائية» ولابن الأثير كتاب يرد فيه على هذه المآخذ سماه «الاستدراك فى الرد على رسالة ابن الدهان المسماة بالمآخذ الكندية من المعانى الطائية، عنى فيها بالرد على ابن الدهان فى مآخذه على المتنبى وقد وزع أكثرها على جانبين هما: مآخذه على ابن الدهان فيما زعمه من مآخذ المتنبى من أبى تمام، واستدراكه على ما فات ابن الدهان من مآخذ المتنبى أو سرقاته من أبى تمام.

وهو يستهل الرسالة ببيان عيوب ابن الدهان فى مبحثه، ذاكرا أنه ترك من سرقات المتنبى من أبى تمام مثلما أخذه وأنه قد يعدّ بيتا للمتنبى مسروقا من صاحبه، وبتأمله يلاحظ أنه غير مسروق، وأنه قد يعزو إلى المتنبى وأبى تمام والبحترى أبياتا ليست لهم، وأنه أطال مقدمة كتابه أو رسالته فكان كمن بنى دارا فجعل دهليزها ذراعا وعرضها شبرا، على أنها لا تناسب الكتاب ولا تشاكله. ولابن الأثير فى الكتاب-شأنه فى كتاب المثل السائر- «الفلك الدائر على المثل السائر» وهى إلى أن تكون نقدا لغويا أقرب منها إلى أى نقد آخر، ورد عليه كثيرون منتصرين لابن الأثير مثل محمود بن الحسين السنجارى المتوفى سنة ٦٤٠ فى كتابه «نشر المثل السائر وطى الفلك الدائر».

ولصفى الدين الحلى المار ذكره فى البديعيات كتاب نفيس فى الأشعار العامية الشعبية سماه «العاطل الحالى والمرخص الغالى فى الأزجال والموالى» عرض فيه فنون الشعر العامى من الزجل والمواليا والقوما والكان وكان موضحا نشأتها وتاريخها وأوزانها وقوافيها وما يجوز فيها وما لا يجوز. ويلاحظ أنه سبقت الأزجال فى الأندلس قصائد عامية ذات قافية واحة


(١) انظر فى ابن الدهان معجم الأدباء ١١/ ٢١٩ ونكت الهميان ص ١٥٨ وإنباه الرواة ٢/ ٤٧ وابن خلكان ٢/ ٣٨٢ والشذرات ٤/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>