واستمر المغرب الأقصى يتبادل سلعه مع شعوب البحر المتوسط فى العصور الإسلامية، وكانت سفن البنادقة والجنويين ماتنى ذاهبة إلى موانى البحر المتوسط آئبة منه محملة بحبوب المغرب الأقصى وبالجلود وبالشمع وبخيوط الصوف، كما كانت تحمل كثيرا من الأخشاب المعدة للتصدير بين أعمدة وألواح. وكثيرا ما كانت سفن البنادقة والجنويين تعبر الزقاق إلى موانى المغرب الأقصى على المحيط لتتبادل مع أهلها السلع، وكان الجنويون والبنادقة جميعا يأتون بأقمشة ومنتوجات أوربية مختلفة ويأخذون بدلها عن طريق المقايضة سلع المغرب الأقصى من القمح والشمع والجلود والصوف وغير ذلك. ويقول الحسن الوزان عن مدينة سلا على المحيط «إن الكثير من التجار الجنويين يقصدونها ويعقدون فيها. صفقات مهمة ولهؤلاء التجار مستودعاتهم فى كل من فاس وسلا، وكانوا يبقون مع هذه المستودعات بعض أصحابها أو بعض مندوبى شركاتها لجمع ما يريدون من المحاصيل، ويذكر الوزان أن جنويا ثريا من تجار جنوة مكث مع أسرته فى فاس ثلاثين سنة حتى توفى. ولا بد أن كان للجنويين والبنادقة مستودعات مماثلة فى موانى المحيط والبحر المتوسط، وقد انضم إليهم بعد خروج العرب من الأندلس البرتغاليون والإنجليز والفلمنك وخاصة فى الموانى التى احتلها الأولون. وثلاث مناطق كانت تتجر مع السودان، هى السوس وكانت تحمل إلى أهله الأقمشة الصوفية والكتانية والسكر الذى كانت تنتجه، ودرعة وكانت تحمل إليهم أوانى النحاس من أفران والتمور وبعض الأقمشة، وسجلماسة وكانت تحمل إليهم التمور والأقمشة المختلفة والزيت والمفاتيح والأقفال وتعود قوافلها محملة بالتبر والعاج وريش النعام والرقيق. وكان تلك التجارة مع السودان تعود على تجار هذه المناطق الثلاث، بثراء طائل. وكان إنتاج المناطق يختلف من منطقة إلى أخرى، فتمور سجلماسة مثلا تقايض بالقمح وأوانى النحاس وفى منطقة جزولة تقايض أوعية النحاس بالأقمشة والتوابل والخيول، وبالمثل جلود التيران والشمع بجبل بنى زكار، وكان لكل بلد سوق، ونسوق أسماء الدكاكين فى سوق فاس. . لنتعرف من خلالها على ألوان التجارات، وهى تتوالى عند الوزان على هذا النمط: ثلاثون دكانا للمكتبات، مائة وخمسون لباعة الأحذية ثم باعة الأوانى النحاسية، خمسون دكانا لباعة الفواكه، وبعدهم باعة الشمع وباعة الخيطان، وعشرون دكانا لباعة الزهور، وباعة الحليب، وثلاثون دكانا لباعة القطن، فدكاكين الأشياء المصنوعة من القنّب: الحبال والخيوط وأرسان الخيل فصناع النطاقات الجلدية المطرزة بالحرير، فصناع أغمدة السيوف والسكاكين فباعة الأوانى الخزفية ذات الألوان الجميلة ولها مائة دكان فباعة الملح فباعة اللجامات والأعنّة والسروج ولهم ثمانون دكانا فحظيرة يباع فيها الجزر واللفت فباعة الفول الأخضر، فدكاكين لبيع اللحم المفروم، فسوق العشابين للقنّبيط وأنواع الخضر الأخرى وبه أربعون دكانا، فباعة الزلابية، فباعة اللحم المقلى والسمك المقلى، فباعة الزيت والسمن والعسل والجبن والزيتون، فالأطعمة المحفوظة، فأربعون دكانا للجزارين وتذبح