للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشين فتقول رأيتكس وعليكس وبكس، وكان منهم من يحذف الكاف ويضع مكانها الشين أو السين.

ومن ذلك العنعنة، وهى فى تميم وبعض قيس وأسد، إذ يجعلون الهمزة عينا فى بعض الكلمات، فيلفظون استعدى بدلا من استأدى، ويلفظون أعدى بدلا من آدى، ويقال إن بعض بنى طيئ كان يقول دأنى عوضا عن دعنى. وكان هناك من يلفظ لعلى لأن، بإبدال اللام أيضا نونا، وقالوا بدلا من أن وأنّ عن وعنّ.

وتقرب من العنعنة الفحفحة، وكانت فى هذيل إذ تبدل الحاء عينا، ويقال إن بنى ثقيف كانوا يصنعون صنيع الهذليين فى ذلك فيقولون فى حتى عتى. وهذه اللهجات جميعا كانت تشيع فى بعض القبائل الشمالية المضرية، ومثلها التضجع وهو الإمالة، إذ كانت تميم وقيس وأسد تميل إلى إمالة الألف، وكان الحجازيون ينطقونها بتفخيم فلا يميلون. ويظهر أن ذلك لم يكن عامّا فى القبيلة الواحدة، فقد كان بعض الأفراد يميل وبعضهم لا يميل، يقول سيبويه: «اعلم أنه ليس كل من أمال الألفات وافق غيره من العرب ممن يميل، ولكنه قد يخالف كل واحد من الفريقين صاحبه فينصب بعض ما يميل صاحبه، ويميل بعض ما ينصب صاحبه.

وكذلك من كان النصب فى لغته لا يوافق غيره ممن ينصب، ولكن أمره وأمر صاحبه كأمر الأولين فى الكسر (الإمالة) فإذا رأيت عربيّا كذلك فلا ترينه خلّط فى لغته ولكن هذا من أمرهم». ونستطيع أن نمد ملاحظة سيبويه إلى اللهجات الشاذة التى حكيناها، فمن الممكن أن يكون بعض أفراد القبيلة قد تبع اللغة الأدبية العامة، بل من الممكن أن تكون بعض العشائر فى قبيلة بعينها قد هجرت لهجة قبيلتها، ولعل هذا هو سبب اختلاط نسبة هذه اللهجات عند اللغويين إذ نرى بينهم اختلافا فى الكشكشة مثلا هل كانت فى تميم أو كانت فى بكر أو كانت فى قيس أو كانت فيهم جميعا، وأغلب الظن أن مرجع هذا الاختلاف إلى ما لا حظه سيبويه فى الإمالة من أن عشيرة أو أفرادا فى قبيلة تميل قد لا تميل، وبالمثل يمكن أن يكون ذلك نفسه حدث فى اللهجات الشاذة التى رويت عن بعض القبائل المضرية.

وقد نسب اللغويون إلى قبائل مضرية وأخرى قحطانية ما سموه الاستنطاء إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>