كانت قبائل هذيل وقيس والأزد والأنصار فى يثرب تبدل العين نونا فى مثل أعطى فتقول أنطى، وأغلب الظن أن هذا ليس إبدالا كما لا حظ ليتمان، وإنما هما فعلان مختلفان.
وهناك لهجات نسبها اللغويون إلى القحطانيين، من ذلك التلتلة فى فضاعة وسهم إذ يكسرون الفعل المضارع فيقولون: تعلمون وتكتبون وتنجحون كما نصنع فى عاميتنا المصرية. ومن ذلك العجعجة فى قضاعة إذ يجعلون الياء المشددة جيما، فيقولون تميمج فى تميمى، وقال ابن فارس إن إبدال ياء المتكلم جيما وجد عند بنى تميم. وقال الزمخشرى إن بنى حنظلة التميميين كانوا يبدلون الياء المشددة لصيغة النسبة جيما مشددة.
ونسب الرواة إلى قبيلة كلب اليمنية ما سموه الوهم، وهو كسر الهاء فى ضمير الغائبين وإن لم يكن قبلها ياء ولا كسرة فيقولون: منهم وعنهم وبينهم. وسمع عن قوم منهم ما سمى بالوكم إذ يكسرون الكاف فى ضمير المخاطبين إذا سبقها ياء أو كسرة، فيقولون: عليكم وبكم بكسر الكاف فيهما. واشتهرت حمير وأهل اليمن وبعض عشائر طيئ بالطمطمانية، وهى إبدال لام التعريف ميما، فيقولون فى السهم والبر والصيام: امسهم، وامبر، وامصيام، وهذا ليس إبدالا، وإنما هى لهجة يمنية، إذ كانوا يعرّفون بالألف والميم، ولعل فى ذلك ما يدل على صحة ما ذهب إليه النسابون من أن طيئ قبيلة يمنية، ولا تزال لذلك بقية فى عاميتنا المصرية إذ نقول بدلا من البارحة إمبارح وأول امبارح. ومما ينسب إلى بعض القبائل اليمنية الشّنشنة إذ يجعلون كاف الخطاب شينا مطلقا، فيقولون بدلا من لبيك اللهم لبيك لبيش اللهم لبيش، وهم فى ذلك يلتقون بأصحاب الكشكشة فى بعض وجوهها من المضريين. وينسب إلى بعض الحميريين أنهم كانوا يجعلون السين تاء فى بعض الكلمات فيقولون: النات بدل الناس. ويستشهد اللغويون على ذلك بقول علباء بن أرقم:
يا قبّح الله بنى السّعلات ... عمرو بن يربوع شرار النات
ليسوا أعفّاء ولا أكيات
وواضح أنه استعمل النات بدل الناس والأكيات بدل الأكياس. على أن هذا الشاعر ليس حميريّا وإنما هو من بكر، وأكبر الظن أنه اضطر لذلك من أجل القافية ورويّها.