للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تتمزق وحدة هذه الإمارة، ويتوزع أجزاءها غير أمير. ونستطيع أن نميز بينهم النعمان بن الحارث ممدوح النابغة وأخاه عمرو ممدوح حسان، ولحق منهم الفتوح الإسلامية جبلة بن الأيهم وأسلم، ثم تنصر ولحق ببيزنطه.

وحين دخلت الجزيرة العربية جميعها فى دين الله الحنيف وانضوت تحت لوائه أحست دولة بيزنطة فى الشام ودولة الفرس فى العراق بأنها قوة ينبغى أن يدرأ خطرها. وهو ما جعل أبا بكر الصديق يبادر بتجهيز الجيوش لتجاهد فى سبيل الله ونشر دعوة الإسلام الدولتين الكبيرتين قبل أن تتآزرا على حرب الإسلام والمسلمين فى الجزيرة شرقا وشمالا. وكان الفساد قد استشرى فى حكم الدولتين واستشرى معه ظلم الرعية والبغى الأثيم. واستولى المسلمون من الفرس سريعا على جنوبى العراق، وتوالت انتصاراتهم عليهم، وبادر الصديق فسيّر فى سنة اثنتى عشرة للهجرة جيشين لحرب البيزنطيين أو الروم فى الشام: جيشا بقيادة يزيد بن أبى سفيان إلى البلقاء فى شرقى الأردن، وجيشا بقيادة عمرو بن العاص إلى الجنوب الشرقى من فلسطين، وكتب إلى خالد بن الوليد فى العراق أن يلحق بجيشى الشام، فلحق بهما وتولى قيادتهما، وفتح بصرى شمالى البلقاء. ونازل الروم فى أجنادين بفلسطين بين بلدتى الرملة وبيت جبرين الحاليتين، وهى أول معركة كبرى بين العرب والروم، وفيها سحقهم سحقا ذريعا، وتقدم إلى الشمال حتى دمشق وظل محاصرا لها حتى استسلمت. وجمع الروم صفوفهم فى اليرموك أحد روافد نهر الأردن فدمرهم خالد وجنوده ولم تقم لهم بعد ذلك فى الشام قائمة وفتحت بلدانها جميعا أبوابها للعرب المنتصرين. وبذلك استولى العرب على الشام فى نحو سنتين.

وخرج عمر بن الخطاب فى سنة ١٦ إلى الجابية-جنوبى دمشق على مسيرة يوم منها-وهى إحدى عواصم الغساسنة كما مر آنفا، وبها عقد مؤتمرا ضمّ ولاة الشام وقوادها لتنظيم الإدارة فى ديارها، وفتحت له القدس أبوابها، وأمّن عمر النصارى بها ورهبانها على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وحريتهم الدينية، والتمسوا منه أن يخلى القدس من اليهود وأجاب ملتمسهم ولم يبق بها يهودى. وقسّم الشام إلى أربعة أجناد: جند الأردن وجند فلسطين وجند دمشق وجند حمص، وزيد فيما بعد لعهد الأمويين جند قنسّرين والعواصم والثغور. واشتهرت سنة ١٨ للهجرة باسم سنة طاعون عمواس، وكانت بلدة بين نابلس والرّملة الحاليتين، وفيه توفى أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ ابن جبل ويزيد بن أبى سفيان والى دمشق، وولاها عمر بن الخطاب بعده أخاه معاوية. وامتد لواء ولايته لها فى عهد عثمان حتى شمل الشام، وعمل على الاستعانة ببدو الشام فى

<<  <  ج: ص:  >  >>