للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرعتها ببعض الحيوانات الوحشية، ويمصون فى تصويرها، ثم يخرجون إلى الغرض من قصيدتهم مديحا أو هجاء وفخرا أو عتابا واعتذارا أو رثاء. وللقصيدة مهما طالت تقليد ثابت فى أوزانها وقوافيها، فهى تتألف من وحدات موسيقية يسمونها الأبيات وتتحد جميع الأبيات فى وزنها وقافيتها وما تنتهى به من روىّ.

وتلقانا هذه الصورة التامة الناضجة للقصيدة الجاهلية منذ أقدم نصوصها، وحقّا توجد قصائد يضطرب فيها العروض ولكنها قليلة، من ذلك قصيدة عبيد بن الأبرص الأسدى (١):

أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيّات فالذّنوب

فهى من مخلّع البسيط، وقلما يخلو بيت منها من حذف فى بعض تفاعيله أو زيادة على نحو ما نرى فى الشطر الأول من هذا المطلع، وعلى غرارها قصيدة تنسب لامرئ القيس مطلعها (٢):

عيناك دمعهما سجال ... كأن شأنيهما أوشال

ومثلهما فى هذا الاضطراب قصيدة المرقّش الأكبر (٣):

هل بالديار أن تجيب صمم ... لو كان رسم ناطقا كلّم

فهى من وزن السريع، وخرجت شطور بعض أبياتها على هذا الوزن كالشطر الثانى من هذا البيت:

ما ذنبنا فى أن غزا ملك ... من آل جفنة حازم مرغم

فإنه من وزن الكامل. وعلى هذه الشاكلة قصيدة عدى بن زيد العبادى (٤):

تعرف أمس من لميس الطّلل ... مثل الكتاب الدارس الأحول


(١) انظر القصيدة فى المعلقات العشر وفى ديوان عبيد. وملحوب والقطبيات والذنوب: أسماء مواضع.
(٢) الديوان ص ١٨٩ سجال: جمع سجل أى صب بعد صب. شأنيهما: مثنى شأن وهو مجرى الدمع. أوشال: جمع وشل وهو الماء القليل.
(٣) المفضليات (طبع دار المعارف) ص ٢٣٧.
(٤) أغانى (طبعة دار الكتب) ٢/ ١٥٣. الأحول الذى أتى عليه أحوال وسنوات كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>