للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهى من وزن السريع وخرجت بعض شطورها على هذا الوزن كالشطر الثانى من هذا البيت:

أنعم صباحا علقم بن عدى ... أثويت اليوم أم ترحل

فإنه من وزن المديد. ويماثل هذه القصيدة فى اختلال الوزن قصيدته (١):

قد حان أن تصحو أو تقصر ... وقد أتى لما عهدت عصر

ومن هذا الباب نونية سلمىّ بن ربيعة التى أنشدها أبو تمام فى الحماسة (٢):

إن شواء ونشوة ... وخبب البازل الأمون

فقد لاحظ التبريزى والمرزوقى أنها خارجة عن العروض التى وضعها الخليل.

واضطراب هذه القصائد فى أوزانها مما يدل على صحتها وأن أيدى الرواة لم تعبث بها.

ومعروف أن الزحافات تكثر فى الشعر الجاهلى، بل فى الشعر العربى بعامة، ومما كان يشيع بينهم الإقواء، وهو اختلاف حركة الروى فى القصيدة كقول امرئ القيس فى معلقته يصف جبل أبان:

كأن أبانا فى أفانين ودقه ... كبير أناس فى بجاد مزمّل (٣)

فقد ضم اللام فى نهاية البيت، وهى مكسورة فى المعلقة جميعها. وفى رأينا أن احتفاظ الشعر الجاهلى بهذه العيوب العروضية مما يؤكد صحته فى الجملة وأن الرواة لم يصلحوه إصلاحا واسعا، كما يزعم بعض المحدثين.

ومهما يكن فليس بين أيدينا أشعار تصور مرحلة غير ناضجة من نظام الوزن والقافية فى الجاهلية، فإن نفس هؤلاء الشعراء الذين رويت عنهم تلك القصائد المضطربة فى وزنها روى عنهم قصائد كثيرة مستقيمة فى وزنها وقوافيها، مما يدل على أن ذلك كان يأتى شذوذا وفى الندرة. وزعم بعض القدماء والمحدثين أن الرجز أقدم أوزان الشعر العربى، وأنه تولد من السجع، مرتبطا بالحداء ووقع أخفاف الإبل


(١) الفصول والغايات لأبى العلاء ص ١٣١.
(٢) انظر التبريزى اليمامة ٣/ ٨٣ والمرزوقى رقم ٤٠٨. والخبب: ضرب من السير. البازل: الناقة المسنة. الأمون: الموثقة الخلق.
(٣) أفانين: ضروب وأنواع. الودق: المطر. البجاد: كساء مخطط. مزمل: متدثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>