أخبار وأشعار فإن كثيرا من ذلك احتفظ به أبو الفرج الأصبهانى فى كتابه الأغانى الذى ترجم فيه للشعراء من القرن السادس إلى القرن التاسع للميلاد ترجمات غنية، سجل فيها كثيرا من المادة التى فقدت، وكان له ذوق عالم ناقد بصير، فساق من الكتب التى سبقته أطرف ما فيها من أخبار وأشعار، ولم يسقها مفردة، بل ساقها بأسانيدها التى ترجع بها إلى مصادرها ورواتها الأوائل مثل الأصمعى وأبى عبيدة وابن الأعرابى وأبى عمرو الشيبانى والهيثم بن عدى وخالد بن كلثوم وابن الكلبى وأضرابهم ومن خلفوهم من جلة الرواة والمصنفين. وإذا تعددت الروايات فى الخبر ذكرها جميعا، وكثيرا ما يقف ليفحص ما ينقله، فيرفض رواية لأن راويها ابن الكلبى أو ابن خرداذبة أو غيرهما من المتهمين. وقد يشك فى مقطوعة أو قصيدة تنسب لشاعر من الشعراء، فيرجع إلى ديوانه فى رواياته المختلفة، وينص على أنه وجدها أو لم يجدها، وقد يعرض الخبر على التاريخ ليتوثق منه. وفى تضاعيف ذلك يسوق آراء الرواة والنقاد فى الشعراء وشعرهم. والحق أنه أكبر مصدر لتاريخ الشعر الجاهلى وأصحابه، فإذا أضفنا له الأصمعيات والمفضليات وديوان هذيل وما صح من الدواوين المفردة كنا أمام مادة خصبة للبحث والدراسة فى الجاهليين وأشعارهم وأخبارهم.
ومن الكتب المتأخرة التى احتفظت ببعض ما فقد من الروايات والمصنفات القديمة خزانة الأدب للبغدادى المتوفى سنة ١٠٩٣ للهجرة، وهو شرح على شواهد الرضى شارح كتاب الكافية لابن الحاجب، وفيه تراجم دقيقة لبعض الجاهليين وملاحظات على بعض أشعارهم من حيث الانتحال والصحة. ومثله فى هذا الاتجاه شرح السيوطى على شواهد المغنى لابن هشام.