للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاضى القضاة سراج ... لسدفة الجهل جالى (١)

وسيف حقّ على أه‍ ... ل الزيغ والاعتزال

به العلوم تحلّت ... أبهى حلّى وحلال (٢)

قد فاز منها بما لم ... يخطر لإنس يبال

مقامه فى الأعاري‍ ... ب والعقائد عالى

وفى البلاغة نظما ... وكلّ سحر حلال

وفى العلوم جميعا ... وفى علوم الأوالى

واليدالى يمدح ابن رازكه بأنه سراج منير جلا ظلمة الجهل وبدّدها وأنه سيف حق فى قضائه وأحكامه على أهل الزيغ والضلال وفى آرائه السنية ضد الاعتزال والمعتزلة، وقد ازدانت به العلوم ولبست أحلى حليّها وأبهى حللها وثيابها إذ ظفر منها بما لم يخطر بذهن إنسان، ومقامه فى أعراب موريتانيا وفى العقائد عال رفيع، وبالمثل فى الشعر الساحر الخلاب وفى العلوم جميعا وعلوم الأوائل من هندسة وغير هندسة. وأجابه ابن رازكه بقصيدة بارعة نوه فيها بحلّه للغوامض المشكلة فى الفقه وغير الفقه وأنه سيف أشعرى ماض فى ردوده على المعتزلة، وكانت جماهير العلماء فى موريتانيا والمغرب جميعه تعتنق العقيدة الأشعرية. وكان اليدالى ينشد:

ليس من أخطأ الصواب بمخط ... إن يؤب لا ولا عليه ملامه

إنما المخطئ المسيء الذى إن ... وضح الحقّ لجّ يحمى كلامه

وهو يقول إن المخطئ هو من يتمادى فى خطئه، أما من يرجع عنه فلا لوم عليه ولا تثريب، إذ الرجوع إلى الحق فضيلة. ولليدالى فى مديح أحمد بن هيبة البركني الحسانى قوله من قصيدة طويلة:

ورثت العلا والعزّ والمجد أحمد ... وبذل النّدى عن هيب مفخرة العصر (٣)

وإنك أسماهم علوّا ورفعة ... بمنطقة الجوزا ومنطقة البدر

وأيامكم خضر جنينا ثمارها ... بأيدى المنى ما بين أوراقها الخضر

وقاك إله العرش يا أحمد الرّدى ... وجنّبت أنواع المكاره والضّرّ

وأولاك ربّ الناس فى نفسك المنى ... وآلك والأولاد والمال والعمر

وهو يقول لأحمد بن هيبة إن العلا والعز والمجد والجود ورثتها جميعا عن أبيك مفخرة العصر، وإنك أسمى العشيرة البركنيّة رفعة وعلوّا فى منطقة برج الجوزاء الصاعد فى السماء ومنطقة البدر المنير، وأيامكم خضر سعيدة جنينا ثمارها بأيدى المنى من بين أعوادها وأوراقها


(١) سدفة: ظلمة.
(٢) حلال هنا: جمع حلة: ثوب ضاف.
(٣) الندى: الكرم والجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>