للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون صاحب السيادة عليه، ويظفر أخيرا به وتصفو بينهما العلاقة، ويمتدحه ويمتدح قومه.

وكان نصارى الشمال-وخاصة القشتاليين-لا يزالون مع يوسف بين مهادنة ومنازلة وموادعة ومحاربة، وانتصر عليهم يوسف فى بعض الوقائع، مما جعله ينشد مثل قوله فى قصيدة حماسية من قصائده:

راق الزمان وجاءنا ميقاته ... بالضّحوة الغرّاء من أيامه (١)

نأتمّ فى حرب الصّليب وحزبه ... بشفيع كلّ موحّد وإمامه

مستأصلى بيع العداة مهتّمى ... ما صان فيها الكفر من أصنامه (٢)

والله جلّ جلاله متكفّل ... بالنّصر والمعهود من إنعامه

ويوسف يعلن أنه انتصر فى ضحوة أوضحى أحد الأيام على حملة الصليب، وهو يقتدى فى جهاده لهم بجهاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم للكفار. مصمما على استئصال بيعهم أو كنائسهم وتهتيم أو تهشيم أصنامهم مستعينا بعون الله فى نصره عليهم وسحقهم سحقا ذريعا. وطبيعى أن يكتظ ديوان يوسف بحمم كثيرة من الحماسة والفخر المضطرم من مثل قوله:

لقد علمت نصر بأنى كفيلها ... إذا هاجت الهيجاء واحمرّت الأرض (٣)

أدافع عنهم بالصوارم والقنا ... وأحمى حماها أن ينال لها عرض

بنا ساعة الهيجاء يحمى وطيسها ... وتهتك أستار البغاة إذا انقضوّا

إلى عترة الأنصار تعزى أرومتى ... إلى معشر فى الذّكر حبّهم فرض

وهو يقول إن بنى نصر من أسرته يعلمون بلاءه فى الحرب وأنه حين يحمى وطيسها أو شرارها وتسيل الدماء على أديم الأرض ويتساقط عليها القتلى صرعى يذود عن حماهم ويدافع عنهم مستميتا بالسيوف وبالرماح، ولا غرو فإنه ينتمى إلى رهط الأنصار إذ أسرته من سلالة سعد بن عبادة، ومعروف أن عداده فى السابقين الأولين من الأنصار.

وينشد مفاخرا:

ألست سليل الصّيد من آل حمير ... وخير ملوك الأرض قوما ولا فخر (٤)


(١) الضحوة: الضحى.
(٢) بيع: كنائس مهتمى: محطمى.
(٣) كفيل: ضامن. الهيجاء: الحرب. احمرار الأرض: كناية عن كثرة الدماء.
(٤) الصيد: جمع أصيد: السيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>