للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنا الذى دينه إسعاف سائله ... والضّرّ يعرفه والبؤس والعدم

أنا الذى حبّ أهل البيت أفقره ... فالعدل مستعبر والجور مبتسم

وهو يعلّل لبؤسه من بعض وجوهه بتشيعه لأهل البيت كما أسلفنا، وكأنما عملت عوامل كثيرة على أن يعيش معيشة بائسة أكثر جوانبها ضيق وإقلال فى الرزق، وليس المهم أن يعيش تلك المعيشة، ولكن المهم أن تتعمق أحاسيسه وأن يصدر عنها بمثل قوله:

أحمد الله لم أقل قطّ يا بد ... ر ويا منصفا ويا كافور

لا، ولا قلت أين أين الشواهين ... ووزّاننا وأين البذور (١)

لا، ولا قيل: قد أتاك من الضّي‍ ... ‍عة برّ موفّر وشعير

أنا خلو من المماليك والأه ... لاك جلد على البلا وصبور

ليس إلا كسيرة وقديح ... وخليق أتت عليه الدهور

فهو ليس ممن يخدمهم الغلمان وتكتظّ بهم داره من مثل بدر ومنصف وكافور، وهو ليس ممن يحتاج إلى ميزان ووزّان يزن الحصاد، لأنه ليس من أصحاب الضياع الذين يجنون من ضياعهم البرّ والشعير، ليس عنده أملاك ولا مماليك إنما عنده الجلد والصبر على احتمال حياة الشظف والحرمان، عنده ما يقوته من كسرة وقدح ماء وثوب خلق أكل الدهر عليه وشرب، وقلبه يمتلئ حسرة ولوعة، فغيره يتقلب فى أعطاف النعيم وهو يتقلب فى أشواك الحسرات والشقاء والعناء، يقول:

الحمد لله ليس لى كاتب ... ولا على باب منزلى حاجب

ولا حمار إذا عزمت على ... ركوبه قيل جحظة راكب

ولا قميص يكون لى بدلا ... مخافة من قميصى الذاهب

وأجرة البيت فهى مقرحة ... أجفان عينى بالوابل الساكب


(١) الشاهين هنا: عمود الميزان.

<<  <  ج: ص:  >  >>