للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما حسبنا أن نشير إلى بعض مشاهيرهم، ويمكن القارئ أن يعود إلى كتاب أدب الطّفّ (كربلاء) لجواد شبّر المطبوع فى بيروت، ويقرأ فيه الجزء الثانى الخاص بشعراء القرنين الرابع والخامس فسيرى كثيرين من شعراء الشيعة الإمامية، وفى مقدمتهم الزاهى (١) الشاعر البغدادى المتوفى سنة ٣٦١ وقد أنشد له المؤلف مجموعة من القصائد فى بيان مناقب الإمام على بن أبى طالب، واستهل إحدى قصائده بقوله:

تولّيت خير الخلق بدءا وآخرا ... وألقيت رحلى فى حماهم مجاورا

أئمة حقّ خاتم الرّسل جدّهم ... ووالدهم من كان للحقّ ناصرا

ومضى يذكر الأئمة الاثنى عشر واحدا واحدا مشيدا بهم إلى أن انتهى إلى مهديّهم، ويبكيهم، ويمنى نفسه بظهور المهدى قائم الزمان، حتى ينشر بين الناس العدل الذى لا تصلح حياتهم بدونه. ويبدو أنه كانت فى السّرىّ الرفاء نزعة شيعية، وقد أنشد له صاحب أدب الطفّ قصيدة موجودة فى ديوانه يمدح فيها آل البيت ويبكى الحسين قائلا:

كأنّ أحشاءنا من ذكره أبدا ... تطوى على الجمر أو تحشى السّكاكينا

ومثله أبو بكر محمد الخالدى الموصلى، ومرّ بنا أنه كانت بينه وبين السّرىّ منازعة فى الشعر ومهاجاة وأكبر الظن أنه كان شيعيا إماميا مثله، فقد ترجم له صاحب أدب الطف، ونرى الثعالبى فى اليتيمة ينشد له قطعة فى ندب الحسين يقول فيها (٢):

عفّرتم بالثّرى جبين فتى ... جبريل بعد النبىّ ماسحه

سيّان عند الأنام كلّهم ... خاذله منكم وذابحه

وهو يسوّى فى الإثم بين من خذلوه من أهل الكوفة ومن ذبحوه، فجنايتهم واحدة فى رأيه. وكان طبيعيا أن تتكون مع هذا الندب والنواح فى بغداد والكوفة وكربلاء طائفة من النّاحة، ينوحون على الحسين فى يوم عاشوراء وغيره من الأيام (٣)، واشتهر من بينهم ببغداد حوالى منتصف القرن الرابع الهجرى أحمد المزوّق، وكان يجد أكبر


(١) انظر فى ترجمة الزاهى اليتيمة ١/ ٢٣٣ وابن خلكان ٣/ ٣٧١ والنجوم الزاهرة ٤/ ٦٣ وتاريخ بغداد ١١/ ٣٥٠ والمنتظم ٧/ ٥٩ وأدب الطف ٢/ ٥٠.
(٢) اليتيمة ٢/ ١٨٧
(٣) فى نشوار المحاضرة للتنوخى (طبعة هندية) بتحقيق مرجليوث ١/ ٢١٩ أن رجلا يسمى ابن أصدق وامرأة تسمى خلّب كانا من الناحة على الحسين، ومما كانا يتوحان به قصيدة لشاعر كوفى أولها: أيّها العينان فيضا واستهلاّ لا تغيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>