للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للطبقات العامة، فيكتب عن اللصوص والمكدين وحيلهم والقيان والمرأة.

وكأنما أحدث موضوعات جديدة لكتب السّمر التى كانت تقرأ فى كل مكان.

وكانت قبله لا تعدو بعض كتب الآداب الفارسية وبعض قصص الحب العربية وقصص البطولة والإسرائيليات. وظل الاتجاه إلى ترجمة بعض القصص الفارسية قائما، وكان أهم ما ترجم فى هذا العصر حكايات ألف ليلة وليلة واسمه بالفارسية هزار أفسان أى ألف حكاية. ويفهم من كلام المسعودى عنه أن حكايات السندباد لم تكن جزءا منه فى عصره، بل كانت مستقلة. ويقول إن مؤلفها حكيم هندى يسمى السندباد، وهى تشتمل على كتاب الوزراء السبعة، والمعلم والغلام، وامرأة الملك. ويذكر المسعودى أنه كانت هناك حكايات مماثلة ترجمت عن الرومية (١). ومما ترجم حينئذ أو قل مما استمدّ من أصول فارسية كتاب التاج المنسوب إلى الجاحظ، وقد ألّفه أحد معاصريه وقدّمه إلى الفتح بن خاقان وزير المتوكل، وهو يصور نظم الساسانيين حكّام الفرس قبل الإسلام وتقاليدهم.

ومعنى ذلك أن النقل عن الفارسية ظل محتدما فى هذا العصر، ولكن أخذت الشخصية العربية تشبت وجودها فى قوة، فبمجرد أن ترجم كتاب ألف ليلة وليلة ألف محمد بن عبدوس الجهشيارى المتوفى سنة ٣٣١ للهجرة كتابا على نسقه به ألف حكاية من حكايات العرب وغيرهم. وظهرت فى العصر كتب أسمار كثيرة، كانت تتلهف عليها العامة، وخاصة ما دار منها حول الحب وأقاصيصه أو حول الجن أو حول بعض النساء. وكثرت كتب النوادر والكتب التى تصوّر أحوال الحمقى وأقوالهم وأفعالهم، وكتب الندماء والمنادمة، وكذلك الكتب التى تصور أخلاق العامة مثل كتابات مساوئ العوام وأخبار السفلة والأغتام للصّيمرى.

وكثرت كتب الأدب التهذيبى، وممن أكثر منها ابن أبى الدنيا المتوفى سنة ٢٨١ وقد نشر فى القاهرة مختصر صنعه السيوطى لكتابه الفرج بعد الشدة، وكانت له كتب مختلفة فى مكارم الأخلاق. ومثله محمد بن خلف بن المرزبان


(١) انظر فى ذلك كله مروج الذهب ١/ ٩٧، ٢/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>