لغة موطنه، ومنها نقل كتاب كيمياء السعادة للإمام الغزالى. ومرّ بنا فى حديثنا عن التاريخ وكتبه ذكر مؤلفاته التاريخية: كتاب البرق الشامى الذى وصف فيه أحداث حياته منذ انتقاله من العراق إلى دمشق وأثناء خدمته لنور الدين وصلاح الدين وفتوحاتهما وهو فى سبعة مجلدات، وكتاب الفيح القسى فى الفتح القدسى فى وصف فتح صلاح الدين لبيت المقدس، وكتاب نصرة الفطرة وعصرة القطرة فى تاريخ السلاجقة ووزرائهم. وذكرنا-فى غير هذا الموضع-أن الفتح البندارى اختصره باسم «زبدة النصرة ونخبة العصرة» وأنه طبع فى القاهرة باسم تاريخ دولة آل سلجوق. والكتاب الرابع كتاب خريدة القصر وجريدة العصر، وهو فى شعراء القرن السادس من الأندلس إلى أواسط آسيا حتى تاريخ كتابته فى أوائل العقد الثامن من القرن السالف. وله وراء ذلك كتب تاريخية لم تصلنا منها كتاب العثبى والعقبى فى بيان الأحداث التى تلت وفاة صلاح الدين حتى سنة ٥٩٢ وكتاب نحلة للرحلة وصف فيه رحلته إلى مصر بعد وفاة صلاح الدين، وكتاب خطفة البارق وعطفة الشارق فى ذكر أحداث من سنة ٥٩٣ حتى سنة وفاته. وقد عمم العماد فى كتاباته التاريخية السجع وبعض المحسنات البديعية وخاصة الجناس، مما يدل-رغم ما فيها من تكلف-على مهارة أدبية رائعة.
وكانت له رسائل ديوانية كثيرة تشغل المجلدات الضخام، وكان كلما فتح صلاح الدين فتحا دحر فيه حملة الصليب ومزّقهم تمزيقا كتب بذلك إلى الخليفة ببغداد وإلى القائمين على البلدان من الحكام، يبشر بالنصر المبين فى سبيل الدين. ونقتطف قطعة من كتاب عن صلاح الدين إلى الخليفة يخبره فيه بضم الموصل-بعد موت صاحبها غازى بن مودود-إلى دولته ومملكته، يقول فيه العماد:
«لا خفاء أن مصر إقليم عظيم وبلد كريم، أنقذها الله من عبيد بنى عبيد الفاطميين وأطلقها بمطلقات أعنّتنا إليها من عناء كل قيد، وفيها شيعة القوم، وهم غير مأمونى السر إلى اليوم.
وطوائف أقاليم الروم والفرنج بها مطيفة فمن حقها أن يتوافر عسكرها، فلو حصل-والعياذ بالله- بها فتق لأعضل رتقه، واتسع على الراقع خرقه، واحتجنا لحفظ بلاد الشام وثغور الاسلام إلى استصحاب العسكر المصرى إليها، وله خمس سنين فى بيكارها (حربها) منتقما من كفارها متحملا لمشاقّها على غلاء أسعارها».
وقد جانس العماد فى أول القطعة بين «عبيد وعبيد» وبين «أطلقها وبمطلقات». وتدل القطعة دلالة واضحة على أن جيش صلاح الدين المدمر لحملة الصليب كان مصريا على الأقل فى