للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسماءهم للذكرى، وقليل منها أدعية لآلهتهم، وهى صعبة القراءة لأن خطهم مشتق من الخط المسند الجنوبى، مثلهم مثل اللحيانيين والصفويين، وهو خال من الشكل ومن علامات الإشباع والحركات والتشديد. ومما يزيد فى صعوبته أيضا، أو بعبارة أدق مما يزيد فى صعوبة الأحكام اللغوية عليه أن جميع نقوشه بضمير الغائب وأنهم كثيرا ما يحذفون منه بعض الحروف كالنون من ابن والضمير من «لى» وأيضا فإنه تختلط به آثار عبرية وآرامية.

وهذه النقوش مع أنها كتبت بالخط المسند الجنوبى نقوش للعرب الشماليين، فاللغة التى تعبّر عنها عربية شمالية، ويتضح ذلك فى تراكيبها الصرفية والنحوية وفى اشتقاقات أفعالها وأزمنتها. ونجد عندهم صيغة المثنى بجانب صيغة الجمع كما نجد نفس أسماء الإشارة والأسماء الموصولة والضمائر وحروف الجر من مثل اللام والباء وإلى وعلى وحرف العطف واو. غير أن أداة التعريف الشائعة عندهم هى الهاء لا أل، وكذلك الشأن عند اللحيانيين والصفويين، أما عند النبط فهى أل. ومن هنا يصح أن نطلق على الأولين اسم أصحاب لهجات الهاء، وهم فى ذلك يتطابقون مع العبريين، وأيضا فإنه يشيع عند الثموديين واللحيانيين تعدية الفعل الثلاثى بالهاء بدلا من الهمزة، مثلهم فى ذلك مثل العبريين والسبئيين، على نحو ما مر بنا فى غير هذا الموضع.

واللهجة القديمة الثانية هى اللهجة اللّحيانية نسبة إلى منازل أهلها من بنى لحيان الذين ذكروا فى نقوشها، وقد عثر عليها علماء الساميات منثورة فى شمالى الحجاز بمنطقة العلا الحالية، وكانت حاضرتهم تسمى دادان بالقرب من مدائن صالح، ويختلف الباحثون فى تاريخهم وهل كانوا قبل الميلاد أو بعده، بل منهم من يتأخر بهم حتى القرن الخامس للميلاد. وتلقانا فى نقوشهم نفس الصعوبات التى تلقانا فى نقوش الثموديين من نقص الشكل وحروف العلة والمد والتشديد. وهم يعرّفون بالهاء على شاكلة الثموديين، وقد يعرفون بأل أو باللام على شاكلة العربية الجاهلية، وقد يجمعون بينهما مثل هلحمى بمعنى الحمى. وهم يستبقون بين صيغ الفعل على صيغتى هفعل وسفعل ونراهم يلحقون بالماضى تاء التأنيث كما نراهم يشيرون بالذال

<<  <  ج: ص:  >  >>