للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطفقت والوحش فى ... مجالها بساط

صرعى تشقّ قمصها ... عنها ولا تخاط

وهو يبدأ بالحديث عن الروضة مكان الصيد وما انتشر عليها من حلل الأزهار والأنوار، ويذكر كثرة الوحش بها وأنه باكرها قبل أن يستيقظ القطا وغيره من الطير مرسلا عليها كلابه المسرعة التى تكاد تطير طيرانا، غير آبهة ببرودة الطّقس وما قرّط به آذانها من النّدى، فقد زحفت وانتشرت كالشهاب الساطع، تصرع كثيرا من الوحش وتشق عنه جلده وأديمه وتمزّقه تمزيقا لا يمكن رتقه.

وكما يعرض لصيد البرّ يعرض لصيد البحر بصنانيره الشبيهة بالأظفار وبالشبكة وعيونها الكثيرة، وفى ذلك يقول (١):

أفضل ما أعددته من العدد ... وما حوى صحبى به غنى الأبد

بنات قين حاز فى الحذق الأمد ... على مقادير مخاليب الصّرد (٢)

لها رءوس فى أعاليها أود ... كمثل أنياب الأفاعى وأحدّ (٣)

عجنا بها من حيث ما عاج أحد ... فى ظل صفصاف علينا قد برد (٤)

شاطئ نهر لابس درع زبد ... ولم تزل ترسل طورا وتمدّ

ثم بعثنا ألف عين فى جسد ... فجئننا بمثلهنّ فى العدد

ألف من الحيتان بيض كالبرد

وواضح أنه صوّر الصنانير والصيد ثم الشبكة وما صوّر أفاء الله عليهم من الحيتان الكثيرة: ولعل من الخير أن نكتفى بهذا العرض عند أعلام الشعراء، وأن نتركهم إلى شاعر اشتهر بكثرة طرديّاته فى العصر هو أبو العباس الناشئ فقد كان مولعا بالطّرد والصيد، وله طرديات كثيرة.


(١) الديوان ص ٤٧٥.
(٢) القين: الحداد صانعها. الصرد: طائر ضخم الرأس والمنقار وهو من الجوارح.
(٣) أود: عوج إذ تشبه حرف الراء.
(٤) عجنا: عرجنا وانعطفنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>