ستمائة ألف. وحين فتح اليمن توران شاه الأيوبى سنة ٥٦٩ أقام لنفسه فيها نوابا فى مدنها وحصونها، وعادت إلى أحسن أحوالها من الخصب والعمارة والأمن، غير أن الحكم فيها لم ينتظم تماما لصلاح الدين إلا بعد أن أرسل إليها أخاه سيف الإسلام طغتكين، فأقام بها منذ سنة ٥٧٨ ودخل كما مر بنا سنة ٥٨٢ مكة ومنع من الأذان فيها بحىّ على خير العمل» وهو أذان الزيدية والإسماعيلية وغيرهما من الشيعة، وتوفى سنة ٥٩٣ وخلفه على اليمن ابنه إسماعيل وأساء السيرة فقتل سنة ٥٩٨ ووليها بعده ابن عمه سليمان، وظلم الناس، فولى السلطان الكامل صاحب مصر عليها ابنه الملك المسعود سنة ٦١٢ وأناب عنه فى بعض رحلاته إلى مصر نور الدين عمر بن على بن رسول أحد قواده، فمكّن لنفسه فيها، ولم يلبث أن استقل بها سنة ٦٢٦ للهجرة.
وتظل اليمن فى قبضة الدولة الرسولية حتى سنة ٨٥٨ وقد اتخذ نور الدين تعزّ بالقرب من إقليم عدن عاصمة له وتلقب بالملك المنصور واعترف به الخليفة العباسى سنة ٦٣٢ للهجرة وامتدت مملكته من مكة إلى حضرموت. وكانت الحرب كثيرا ما تنشب بين الرسوليين وبين الأئمة فى صعدة. وقتله مماليكه سنة ٦٤٧ وخلفه ابنه الملك المظفر يوسف وهو صاحب جامع المظفرية بتعزّ، وبنى جوامع ومدارس كثيرة فى مدن اليمن، وفتح ظفار فى أقصى بلاد حضرموت ونشبت بينه وبين أئمة اليمن حروب كثيرة، وتوفى سنة ٦٩٤ فخلفه الملك الأشرف لمدة عامين فالملك المؤيد حتى سنة ٧٢١ وكانت له مشاركة حسنة فى العلوم والفنون، فالملك المجاهد حتى سنة ٧٦٤ فالملك الأفضل ابنه حتى سنة ٧٧٨ فالملك الأشرف حتى سنة ٨٠٣ وله ألف الخزرجى كتابه العقود اللؤلؤية، ويصف حفل ختان أبنائه وصفا رائعا. وتضعف الدولة بعده وتأخذ فى التدهور، وينتهز بنو طاهر ولاتهم وأمناؤهم فى عدن وغيرها الفرصة، ويؤسسون دولتهم.
وقد اتخذ بنو طاهر «زبيد» حاضرة لهم، وأول أمرائهم عامر بن طاهر الذى استولى على عدن سنة ٨٥٨ وتلقب بالملك الظافر وتوفى سنة ٨٧٠ فخلفه أخوه الملك المجاهد إلى وفاته سنة ٨٨٣ وولى بعده الملك المنصور حتى سنة ٨٩٤ وخلفه الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب وقد استولى على صنعاء سنة ٩١٠ ولا نصل إلى سنة ٩٢١ حتى يستولى البرتغاليون على جزيرة كمران فى البحر الأحمر، وحينئذ يرسل قانصوه الغورى صاحب مصر حملة لمطاردة البرتغاليين ويطردون من الجزيرة وتنزل الحملة اليمن وتستولى على زبيد وتعز وتقضى على دولة بنى طاهر
وتدخل اليمن فى حوزة الدولة العثمانية، وتنشب مناوشات كثيرة بين الأمراء أو الأئمة