أن يتنفسوا هناك وكانت النحلة الغالبة فى حضرموت نحلة الخوارج ولذلك كان أهلها دائما يثورون ثورات متعاقبة. ونزلها القرامطة فى أوائل القرن الرابع الهجرى مدة ثم تركوها، ويلمع بها فى القرن الخامس أبو إسحق الحضرمى الخارجى، وقد ساعده الخليل بن شاذان إمام الخوارج فى عمان على أن يستقل بها بعد حروب دامية، واستطاع أن يردّ الصليحى عن حضرموت وهو يعد أول زعيم منها ولى شئونها واستقل بها. والشخصية الثانية بعده شخصية عبد الله بن راشد بن أبى قحطان الكندى المولود بتريم سنة ٥٥٣ وقد حكمها وسنّه دون الثلاثين، واهتم بالعلم والعلماء. ولما فتح صلاح الدين اليمن وولى على عدن عثمان الزنجيلى فتح حضرموت وأخذ معه عبد الله، غير أن العام لم يدر حتى عاد إلى دياره، وتمر سنوات ويعود ثانية إلى تريم ويستولى من آل النعمان على شبام، وتمضى البلاد فى أمن حتى يغزوها عمر بن مهدى اليمنى بجيش أيوبى سنة ٦١٤ ويتمكن من الاستيلاء عليها جميعا:
على الشّحر وشبام وتريم، ويقتل سنة ٦٢٢ وينتهى بذلك عهد الأيوبيين فى حضرموت، وتخلفهم دولة الرسوليين، فيعملون على أن تظل حضرموت تابعة لهم، وكان يليها بعض أبنائها نوابا عنهم. وحين دانت ظفار شرقى حضرموت لسالم بن إدريس الحبوظى استولى بجموعه على حضرموت سنة ٦٧٣ غير أن الرسوليين قضوا عليه. ولا يزال شيوخ القبائل فى البلاد وفى مقدمتهم بنو راشد وبنو نهد يتناحرون على حكم المدن، ويشتهر آل باكثير باستيلائهم على الشّحر سنة ٧٨٦ وتكون الغلبة لهم فى كثير من البلاد. وكان ينافسهم آل بادجانة وآل باوزير والكنديين ولكن آل باكثير ظفروا بهم وبغيرهم من العشائر أو قل ظهروا عليهم. وخلف الرسوليين بنو طاهر على اليمن، وكانت حضرموت تستشعر الولاء لهم، وقد ردوا عن الشحر محمد بن سعيد بن فارس المهدى سنة ٨٦٧ وعهدوا بها إلى آل باكثير، واشتهر من بينهم بوطويرق المولود سنة ٩٠٢ وقد استولى على شبام سنة ٩٢٦ واحتل تريم سنة ٩٢٧ واتخذها مركزا لدولته وكان يجزل العطايا للعلماء والشعراء. واستولى العثمانيون على اليمن سنة ٩٤٥ ويعترف لهم بوطويرق بالطاعة سنة ٩٧٠ غير أن ابنه عبد الله رفض حكم الترك واستقل ببلاده، وخلفه أخوه عمر وكان نصيره ومعاونه وكاتبه الشاعر الكبير عبد الصمد بن عبد الله باكثير. ويتولى ابنه عبد الله شئون حضرموت حتى سنة ١٠٢٤ ويخلفه أخوه بدر ويظهر ولاءه للزيدية وأئمتهم بصنعاء وينشب خلاف بينه وبين ابن أخيه بدر بن عبد الله بسبب ذلك، ويقبض عليه ويعتقل، فيغضب الإمام الزيدى المتوكل على الله إسماعيل، ويرسل فى سنة ١٠٦٩ جيشا إلى حضرموت يستولى عليها، ويسلمها إلى بدر بن عمر ويظل يليها حتى وفاته سنة ١٠٧٣ ويتولاها ابنه محمد.