للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر الأموى أو بعبارة أدق فى أواخره، وما زالت الدعوة تنمو فى المغرب، حتى استطاع الدعاة أن يكونوا دولة للإباضية فى تيهرت. ولا يزال الإباضية بالمغرب إلى اليوم وخاصة فى جنوبى الجزائر وليبيا.

أما فى عمان وحضرموت فقد اتخذ الإباضية نزوى جنوبى الجبل الأخضر فى داخل إقليم عمان مركزا وحاضرة لهم وتوالى أئمتهم فيها منذ أول العصر العباسى، وكثيرا ما كانت تخرج عمان والسواحل من أيديهم إلى أيدى العباسيين. وقد تغلب القرامطة على عمان سنة ٣١٧ كما مر بنا وظلوا بها حتى سنة ٣٦٢ ويعود إليها الإباضية غير أن بنى مكرم الإماميين يستخلصونها منهم سنة ٣٩٠ ويضعف بنو مكرم فيعود إليها الإباضية من نزوى قبيل منتصف القرن الخامس. وتخرج من أيديهم فى القرن السادس ويتملكها بنو نبهان، وتعود إلى الإباضية فترة فى أول القرن العاشر الهجرى، ثم تعود إليهم نهائيّا ويتولاها أئمة الإباضية اليعاربة منذ سنة ١٠٢٤. وتخلفهم أسرة إباضية أخرى هى أسرة البوسعيديين منذ سنة ١١٥٤ هـ‍/١٧٤١ م وتظل عليها إلى اليوم، وتترك السلطة الدينية لأئمة نزوى وتكتفى بالسلطة الزمنية. ومن قديم كان يغلب على ظفار وحضرموت مذهب الإباضية، ومرّ بنا أنه نزلها سنة ٣١٧ الشيخ أحمد بن عيسى جد آل باعلوى وقد نشر فيها مذهب الشافعى ودعوة علوية تحولت إلى دعوة سنية كانت تحدث تعادلا مع دعوة الخوارج، ولأسرته نشاط علمى وأدبى كبير فى حضرموت، ومرّ بنا أن أبا إسحق الخارجى الحضرمى استقل بها فى القرن الخامس، وكان خارجيّا يدين بالولاء لإباضية نزوى وإمامهم الخليل ابن شاذان، وكثيرا ما كانت تخضع حضرموت وظفار للإباضية فى نزوى أو فيها وفى عمان. وقد نشر العمانيون المذهب الإباضى فى زنجبار والبلاد التى كانت تتبعهم فى شرقى إفريقيا مثل دار السلام، ومعروف أنه أخذ يستقل بزنجبار فرع من أسرة البوسعيديين حكام عمان منذ الربع الأخير من القرن الثالث عشر الهجرى.

ومذهب الإباضية أكثر مذاهب الخوارج قربا إلى أهل السنة، وهم يذهبون إلى أن دار مخالفيهم من المسلمين دار توحيد ويسمون الموحد العاصى كافرا، ولا يقصدون بذلك أنه مشرك بالله، بل يقصدون بكفره أنه كافر بالنعمة، والكفر بذلك عندهم نوعان: كفر نعمة وكفر شرك بالله. وأحلوا التزوج من مخالفيهم من المسلمين وأن يتوارث الإباضى معهم. ولم يستحلّوا من أموال المسلمين إلا غنائم الحرب، وحرّموا قتل المسلمين غيلة وكذلك سبيهم سرّا. وقالوا إنه لا يجوز قتالهم إلا بعد دعوتهم إلى مذهبهم الإباضى وإقامة الحجة عليهم وإعلان الحرب. وأجازوا شهادة مخالفيهم على أوليائهم وأتباعهم، وقالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>