والأحجار، وكان حنبليّا يؤمن بعقيدة الحنابلة السلفية، وقد مضى يحمل حملات شعواء على الصوفية وعقيدتهم، وأنكر زيارة قبور الأولياء والتوسل بهم. وكان الغزالى قد وصل بين التصوف والشريعة محاولا تخليصه من نظريات الحلول وما يتصل بها وجعله تصوفا سنيا. وقد شنّ ابن تيمية على التصوف بعض الحملات العنيفة، وناهض المذهب الأشعرى وكل ما شاب العبادات والعقود والمعاملات مما رآه بدعا جديدة.
وعلى هدى من هذه الدعوة التى وهب ابن تيمية نفسه ومؤلفاته لها انبرى محمد ابن عبد الوهاب المولود سنة ١١١٥ هـ/١٧٠٣ م بالعيينة فى إقليم سدير بأواسط نجد يدعو دعوة حارة إلى مبادئه، وكان أبوه قاضيا للعيينة وعليه تلقى دروسه الأولى وكذلك على علمائها ثم على علماء المدينة فعلماء البصرة، وأعجب بكتابات ابن تيمية فأكبّ على قراءته، وعاد إلى موطنه، يدعو إلى مذهبه الحنبلى وإلى كل ما دعا إليه من عبادة الله دون استعانة بولى أو شفيع ونبذ كل البدع المستحدثة بعد عصر الإسلام الأول وكل تقديس للأولياء وزيارة لقبورهم بقصد التيمن أو البركة أو طلب بعض الأغراض الدنيوية، والرجوع إلى السنة والعمل على إحيائها، واتباع السلف فى ذلك كله، ولذلك يسمى الوهابيون أنفسهم سلفية. وكتب لهذه الدعوة أن تعم وتنتشر حين وضع محمد بن سعود أمير الدّرعيّة (١١٣٧ - ١١٧٩ هـ.) يده فى يد محمد بن عبد الوهاب سنة ١١٥٨ هـ/١٧٤٤ م وعاهده على أن ينشر دعوته السلفية وأن يقيم الحدود الشرعية، وأن تصبح الدعوة عقيدة الدولة السعودية، بحيث ينبذ النجديون البدع والخرافات ويتمسكون بأهداب الدين وأصوله من القرآن والحديث.
وأخذ محمد بن سعود وخلفاؤه يعملون على نشر الدعوة، وأداهم ذلك إلى حروب طاحنة فى الجزيرة انتهت بقيام المملكة العربية السعودية التى تظلّ نجد والأحساء والحجاز اليوم. وفى الوقت نفسه أخذ محمد بن عبد الوهاب المتوفى سنة ١٢٠٦ هـ/١٧٩٢ م فى الدرعية يبث تعاليمه وينشرها فى أتباعه بمحاضراته ومصنفاته الكثيرة، وفى مقدمتها كتاب التوحيد ومجموعة التوحيد إلى غير ذلك من كتب تنادى بعبادة الله وحده وأن زيارة قبور الأولياء لقضاء الحاجات ضرب من الشرك. وبالغ أتباعه فى هذا المبدأ فمنعوا الاحتفال بالموالد وهدموا القباب المقامة على قبور بعض الصحابة والصالحين، وتشددوا فى قمع كل عادة مستحدثة وعدوها بدعة حتى التذكير قبل الأذان وحتى استعمال المسابح وكذلك لبس الحرير والتختم بالذهب. والدعوة الوهابية إنما كانت تريد أن يعود الإسلام إلى صورته الأولى، كما كان فى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك دعّت إلى نبذ كل