للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آل نجاح على زبيد، فرصده سعيد بن نجاح-وكان معه أخوه جياش-فى عودته، وكانت برفقته زوجته أسماء، فاغتاله، واقتاد زوجته أسيرة، وأخذ الشعراء يعزّون فيه ابنه المكرّم ويرثونه، من ذلك قول الهيثمى (١):

وأنشأ الحجّ إلى مكّة ... يبغى رضا الله وأجرا جزيل

وارتجّت الأرض له هيبة ... بمن بها بين فرات ونيل

فإن يكن نيل على غرّة ... فالبدر لابدّ له من أفول

وظلت السيدة أسماء فى الأسر ثمانية أشهر إلى أن استطاع ابنها المكرّم فى سنة ٤٦٠ أن يستخلصها من الأسر ويرد إليها حريتها. وفى العام التالى فتك بسعيد وهرب أخوه جيّاش إلى الهند. وكانت للسيدة أسماء أعمال برّ كثيرة، وكان يخطب لها على المنابر بعد الخليفة المستنصر وزوجها على الصّليحى (٢)، وفيها يقول الهيثمى (٣):

رسمت فى السماح سنّة جود ... لم تدع من معالم البخل رسما

قلت إذ عظّموا لبلقيس عرشا ... دست أسماء من ذرى النّجم أسمى

وكانت السيدة أروى بنت أحمد زوجة السلطان المكرم لا تقلّ عنها فضلا، وقد نشأت فى حجر السيدة أسماء وعنيت بتربيتها وأحضرت لها الدعاة كى يعلّموها أصول الدعوة الإسماعيلية الفاطمية. وتوفّى زوجها سنة ٤٧٧ فأسند الفاطميون إليها الدعوة وتدبير شئون الدولة الصليحية، فكان يخطب لها على منابر اليمن. واستطاع جياش بن نجاح أن يسترد زبيد سنة ٤٧٨ وكان مما أعانه على ذلك نشوب نزاع شديد بين أسعد بن شهاب واليها الصليحى ووزيره على بن القمّ، ويقال ان ابن القمّ أحسن استقبال جيّاش حين دخل زبيد، وتزوجت السيدة أروى بالداعى سبأ بن أحمد الصليحى وأشركته معها فى الحكم وكان شاعرا جوادا، وفيه يقول ابن القاسم من قصيدة (٤)

ولما مدحت الهبرزىّ ابن أحمد ... أجاز وكافانى على المدح بالمدح

فعوّضنى شعرا بشعر وزادنى ... عطاء فهذا رأس مالى وذا ربحى

وتوفى سبأ سنة ٤٩١ وظلت أزمّة الأمور بيدها إلى أن توفيت سنة ٥٣٢. وبوفاتها انتهت هذه الدولة الإسماعيلية، وتزعّم الدعوة فى اليمن بعدها آل زريع أصحاب عدن وكانوا يجزلون العطايا للشعراء حتى عدّوا عند بعض أمرائهم بالعشرات، وأكبر


(١) الهمدانى ص ١٠٣ والمخلاف السليمانى ٢/ ٣٢.
(٢) الهمدانى ص ٦٧.
(٣) تاريخ اليمن لعمارة طبعة كاى ١٦ والشاعر يسمى فيه خطأ أسعد بن يحيى. انظر الهمدانى ص ٦٧.
(٤) ابن خلكان (طبع دار الثقافة ببيروت) ٢/ ٣٣٧ والهبرزى: الأسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>