للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المخلاف السليمانى أصبح جزءا من أرض الدولة الرسولية غير أنه اشتمل على إقطاعات كثيرة للسليمانيين، وكانوا يصلون الشعراء، ويقدمون لهم مدائحهم، على نحو ما نجد عند ابن هتيمل فى مديحه للأمير قاسم بن على صاحب صبيا، وله فيه مدائح كثيرة من مثل قوله (١):

حسنىّ للسائلين وللمح‍ ... روم فيما حوت يداه نصيب

ساحة لا يزال فيها رئيس ... مستجير وسائل لا يخيب

عزّ فى ظلّ رمحك القاسميّو ... ن ومنهم قبائل وشعوب

وسنان القناة لولاه فى ط ... ىّ العوالى لم ينفع الأنبوب (٢)

والمركز الثالث للزيدية فى الجزيرة أهم مراكزهم، وكانت صعدة نقطة الدائرة فيه، فمنها انبعثت النحلة، وظلت فيها ثابتة وظل شأنها يتسع، حتى انضوت اليمن جميعها منذ القرن العاشر الهجرى تحت رايتها. ومؤسس هذه الإمامة الزيدية-كما أسلفنا-يحيى بن الحسين بن القاسم، وله مصنفات مختلفة فى الفقه والعقيدة والتفسير، ويقول فيه ابن حزم: «له رأى فى الفقه وقد رأيته، ولم يبعد فيه عن الجماعة» وكان شاعرا، وله وصية شعرية ذكرها فى كتابه الأحكام عند ذكر الجهاد، ومن شعره (٣):

بنى حسن إنى نهضت بثأركم ... وثأر كتاب الله والحقّ والسّنن

وصيّرت نفسى للحوادث عرضة ... وغبت عن الإخوان والأهل والوطن

ويتوالى أبناؤه على صعدة من بعده، حتى يقدم أبو الفتح الديلمى الحسنى فى القرن الخامس فينتزعها منهم، وينسحبون إلى جبل قطابة، وتتوالى أئمتهم هناك، ثم يعودون إلى حاضرتهم صعدة. ومن أهم أئمتهم وأشهرهم فى القرن السادس المتوكل على الله أحمد بن سليمان (٥٣٢ - ٥٦٦ هـ‍) وكان شاعرا مجيدا وله مكاتبات ومحاورات مع نشوان بن سعيد الحميرى الذى مرت بنا ترجمته بين شعراء الفخر والهجاء، ومما كتبه إليه قصيدة مطلعها (٤):

دعينى أطفى عبرتى مابدا ليا ... وأبكى ذنوبى اليوم إن كنت باكيا

واستطرد فيها يتحدث عن الملوك ومآثرهم ومصيرهم، ولم يكد يقرؤها نشوان بن سعيد حتى ردّ عليه بقصيدة وعظية مماثلة مطلعها:

ذكرت ديارا دارسات خواليا ... رسوما عفت عن أهلها ومغانيا


(١) ديوان ابن هتيمل ص ٣٥.
(٢) العوالى: جمع عالية وهى النصف الذى يلى السنان من القناة. الأنبوب ما بين الكعبين من القناة.
(٣) صبح الأعشى ٥/ ٤٧.
(٤) انظر فى هذا البيت والبيتين التاليين الجرافى ص ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>