للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلقانا قصص كثير عن طلبه لبنى أسد، وأكثره مما رواه ابن الكلبى (١)، إذ يزعم أنه ارتحل حتى نزل بكرا وتغلب فسألهم النصر على بنى أسد، وعلمت بنو أسد بما يدبّر لهم، فارتحلوا ولجئوا إلى بنى كنانة، فاختلطوا بهم. وأقبل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب حتى انتهى إلى بنى كنانة، وهو يحسبهم بنى أسد، فوضع السلاح فيهم، فأعلموه أنهم ليسوا طلبته. وكان بنو أسد قد عرفوا قدومه بمن معه، فرحلوا، فتبعهم حتى لحقهم، وقاتلهم، حتى كثرت الجرحى والقتلى فيهم، وحجز الليل بينهم، فهربت بنو أسد، فلما أصبحت بكر وتغلب أبوا أن يتبعوهم، وقالوا له: قد أصبت ثأرك، وانصرفوا عنه. ومضى لوجهه حتى لحق حمير، فاستنصر أزد شنوءة فأبوا أن ينصروه، فنزل بقيل (أمير) يدعى مرثد الخير الحميرى فأمدّه بخمسمائة رجل، وتبعه شذاذ من العرب واستأجر من القبائل رجالا، فسار بهم إلى بنى أسد، ويقال إنهم عادوا فتركوه، ويقال إنه لجأ إلى عمرو بن المنذر ابن ماء السماء وذكر ما بينهما من صهر فأجاره، وبلغ المنذر مكانه فطلبه، فهرب.

وفى رواية إن المنذر ألحّ فى طلبه ووجه الجيوش إليه فلجأ إلى الحارث بن شهاب من بنى يربوع بن حنظلة، فأرسل إليه المنذر مائة من رجاله ينذره بالحرب إن لم يسلم امرأ القيس ومن معه من بنى آكل المرار. فخرج امرؤ القيس على وجهه حتى نزل فى أرض طيئ وقيل بل نزل قبلهم على سعد بن الضّباب الإيادى فأجاره، ثم تحول عنه إلى المعلّى بن تيم الطائى، فأكرمه. وولى وجهه نحو عشيرة بنى نبهان الطائية، فبذلت له من مالها، ثم خرج عنها فنزل بعامر بن جوين الطائى. وكان المنذر لا يزال يتبعه، فتحول عن طيئ إلى رجل من بنى فزارة يسمى عمرو بن جابر فدله على السموأل بن عادياء صاحب حصن الأبلق بتيماء، فلجأ إليه. وهنا يزعم ابن الكلبى وغيره من الرواة أنه طلب منه أن يكتب له إلى الحارث بن جبلة الغسانى بالشام ليوصّله إلى قيصر، واستودعه أهله وأمواله وما كان معه من سلاح. ومضى حتى انتهى إلى قيصر فى القسطنطينية، وهو حينئذ جوستنيان فأكرمه ورفع منزلته، وضم إليه جيشا كثيفا. ولما فصل اندس إلى جوستنيان رجل من بنى أسد يقال له الطمّاح فقال له: «إن امرأ القيس غوىّ عاهر، وإنه لما انصرف عنك بالجيش ذكر أنه


(١) الأغانى ٩/ ٩٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>