وتوفى يعقوب بعده بنحو سنتين وتصارع أولاده واشتبكوا فى حروب دامية، مما أتاح الفرصة لأبناء حيدر كى يعود لهم نفوذهم من جديد.
وتطورت الظروف سريعا، بحيث لا نصل إلى أوائل القرن العاشر الهجرى حتى نجد إسماعيل بن حيدر يخرج بعد وفاة أخوين له كانا أكبر منه للمطالبة بثأر أبيه، ويمد سلطانه تدريجا على شيروان وأذربيجان ويأخذ فى تأسيس دولة فارسية وطنية ويستولى على تبريز فى سنة ٩٠٨ هـ/١٥٠٢ م ويتوج فيها ملكا (شاه) على إيران. وأعلن أن العقيدة الشيعية الإمامية الاثنى عشرية مذهب الدولة الرسمى. ولم يكتف بذلك فقد أكره الرعية على سب أبى بكر وعمر وعثمان. وأخذ يعدّ العدة لمنازلة مراد خان التركمانى صاحب بغداد والعراق، وكان قد هزم أخاه ألوند هزيمة ساحقة فى أذربيجان واستولى منه على فارس، وما توافى سنة ٩١٣ هـ/١٥٠٧ م حتى يستولى من مراد على بغداد والعراق، ويفرّ مراد آخر سلاطين التركمان إلى السلطان سليم العثمانى. ومضى فى سنة ٩١٦ هـ/١٥١١ إلى الشرق لمحاربة شيبانى زعيم الأوزبك والتقيا قرب مرو، ودارت الدوائر على شيبانى وجنده وسقط صريعا فى الحرب، وبذلك اتسعت مملكة إسماعيل، حتى امتدت من هراة شرقا إلى بغداد غربا، ووضح للعيان أنه لابد من الاصطدام بين دولة الشاه إسماعيل الصفوى الشيعى الإمامى وبين دولة السلطان سليم العثمانى السنى، وخاصة أن الشاه إسماعيل كان قد بالغ فى اضطهاد أهل السنة، مما جعل السلطان سليما يدعو إلى الجهاد ضد الشاه والشيعة. والتقى الجيشان الصفوى والعثمانى بالقرب من تبريز بوادى جالداران فى المحرم سنة ٩٢٠ هـ/١٥١٤ م ومنى الشاه بهزيمة منكرة، وفتحت عاصمته «تبريز» أبوابها للسلطان سليم، واضطّر الشاه إسماعيل إلى أن يعقد معه صلحا، ولم يفكر بعد ذلك فى حرب العثمانيين إلى أن توفى سنة ٩٣٠ هـ/١٥٢٣ م وخلفه ابنه طهماسب وهو فى العاشرة من عمره، وطالت مدته فى الحكم اثنين وخمسين عاما امتلأت بالحروب المتصلة ضد أعدائه الشيبانيين فى الشرق والعثمانيين فى الغرب. واستطاع ذو الفقار خان رئيس قبيلة كردية أن يزحف على بغداد ويقتل حاكمها من قبل طهماسب سنة ٩٣٠ وتظل فى حوزته حتى سنة ٩٣٦ هـ/١٥٢٩ م إذ استعادها طهماسب ومضى فى اضطهاد أهل السنة مما جعل السلطان سليمان العثمانى يوجّه فى أواخر سنة ٩٤٠ هـ/١٥٣٤ م حملة إلى تبريز، فتستولى عليها، ويتجه هو إلى بغداد فيدخلها فى أول المحرم سنة ٩٤١. وبذلك ينتهى عهد الدولة الصفوية فى العراق.