وناظر العين، ونكتة الكلمة، وواسطة العقد، ونقش الفصّ، مع كلام فى الإشارة إلى النظائر والأحاسن والسرقات، غير أنه عنى بأشعار الشعراء، والاختيار منها، ولم يعن، مثل أبى الفرج فى كتابه الأغانى، عناية واسعة بأخبار الشعراء إلا قليلا جدا لا يكاد يشفى غلّة. وأتبع الثعالبى اليتيمة بذيل لها سماه «تتمة اليتيمة» وزع فيه الشعراء على نفس الأقسام التى ذكرها فى اليتيمة، وبينما تقع اليتيمة فى أربع مجلدات كبار تقع التتمة فى جزءين، وهى مطبوعة فى طهران. والتتمة واليتيمة تؤرخان لشعراء الدولتين البويهية والسامانية وكذلك لشعراء الزياريين فى طبرستان والغزنويين فى غزنة. ويليهما كتاب «دمية القصر وعصرة أهل العصر» للباخرزى على بن الحسن المتوفى سنة ٤٦٧ وهو يؤرخ لشعراء زمنه، ويجرى على نفس نظام اليتيمة، فيؤرخ لشعراء العالم العربى، ويعنى خاصة بشعراء إيران وأقاليمها كما عنى الثعالبى. وقد سار على غراره فى العناية بشعر الشعراء أكثر من أخبارهم، وكأن الثعالبى هو المسئول عن هذا الاتجاه فى الترجمة للشعراء، إذ عمّ وشاع لا فى إيران وحدها بل فى أقطار العالم العربى جميعها. ويأتى بعد الباخرزى فى الأهمية كتاب خريدة القصر وجريدة العصر للعماد الأصبهانى الذى سبق أن ذكرناه بين المؤرخين وهو أيضا يترجم لشعراء الأقطار العربية لعصره أى فى القرن السادس الهجرى حتى نحو سنة ٥٧٠ للهجرة، وتراجمه أوسع، غير أنها تصطبغ بصبغة اليتيمة، وخصّ إيران بقسم كبير من كتابه لم ينشر حتى الآن، ونشرت منه الأجزاء الخاصة بمصر والشام والعراق والمغرب والأندلس. .
ولعل أهم كتاب فى التراجم العامة هو كتاب الأنساب للسمعانى عبد الكريم بن محمد الذى ذكرناه بين المؤرخين للمدن وهو مطبوع فى مجلد ضخم بالزنكوغراف، وهو ليس فى الأنساب بمعنى نسب الشخص فى آبائه، بل هو أعم من ذلك، إذ يعنى بأنساب العلماء والأدباء إلى بلدانهم أو قبائلهم أو أسرهم أو صناعاتهم أو تجاراتهم. ويعرّف أولا بما ينسب إليه الشخص، وإذا كان بلدة ذكر مكانها، وكذلك الأنساب الأخرى ثم يترجم ترجمة دقيقة لصاحب النسبة، وقد يشترك فى النسب أو اللقب الواحد عدة أشخاص، فيتحدث عن كل منهم، أو قل يترجم لكل منهم ذاكرا مولده ووفاته. واختصر الكتاب عز الدين ابن الأثير فى مصنفه اللباب فى مختصر الأنساب، وإلى الكتابين نرجع فى كثير من التراجم، كما هو واضح فى الهوامش.