للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظلت الحركة العلمية طوال العصر ناشطة، وخاصة فى القرون الأولى، بفضل رعاية الحكام والأمراء لها، فكانوا يبنون المدارس ويرصدون الرواتب للعلماء والطلاب، وعنوا بالمكتبات. وأقبل جميع أفراد الشعب على العلوم، حتى النساء، وأخذوا يفردون كتبا لشرح المصطلحات فى العلوم والفنون. ونشطت نشاطا عظيما دراسة الفلسفة وعلوم الأوائل، ويكفى مثلا لهذا النشاط جهود ابن سينا والبيرونى، مما أهل لنهضة العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية والجغرافية. وتكاثر وضع المعاجم، وازدهرت المباحث اللغوية والنحوية والبلاغية والنقدية. ونشط التأليف فى التفسير كما نشط التأليف فى الحديث النبوى، وفى الفقه، وفى علم الكلام وخاصة فى المذهبين: الأشعرى والماتريدى. وتنوعت الكتابة التاريخية بين كتب تتناول التاريخ العام أو تاريخ بعض البلدان وكتب تتناول التراجم: تراجم الشعراء والعلماء فى كل فن.

ويزدهر الشعر العربى بإيران فى القرون الرابع والخامس والسادس للهجرة، بدليل المجلدات الضخمة التى شغلها فى اليتيمة وتتمتها وفى الدمية والخريدة. ومعروف أن أول كتاب صنف عن الشعر الفارسى وشعرائه كتاب عوفى فى القرن السابع الهجرى. ونفس الشعر الإيرانى صيغ صياغة على أنماط الشعر العربى، وتناول نفس موضوعاته، وشاع فيه مثله زخرف البديع ومحسناته. وقد ظل الشعر العربى حيّا فى إيران حتى القرن التاسع على الأقل. ويتكاثر شعراء المديح وفى مقدمتهم على بن عبد العزيز الجرجانى والطغرائى والأرّجانى، وبالمثل شعراء المراثى من أمثال أبى الحسن على بن أحمد الجوهرى الجرجانى، وشعراء الفخر والهجاء والشكوى من أمثال أبى بكر الخوارزمى، والأبيوردىّ.

وتلقانا بإيران طوائف كثيرة من الشعراء، وأول من نلقاهم شعراء الغزل وفى مقدمتهم أبو الفرج بن هندو، وأبو الفضل الميكالى. ويليهم شعراء اللهو والمجون من أمثال أبى بكر القهستانى، وأبى الحسن الباخرزى، وشعراء الزهد والتصوف من أمثال القشيرى، ويحيى السّهروردىّ، وشعراء الفلسفة والحكمة والأمثال وفى مقدمتهم أبو الفضل السكرى المروزىّ، وأبو الفتح البستى، وشعراء شعبيون مختلفون من أمثال أبى دلف الخزرجى.

وينشط النثر، ويظهر فيه قصص صوفى كثير وقصص فلسفى بديع، ويتكاثر كتاب الرسائل إذ تكثر الدول والإمارات ويصبح لكل إمارة ولكل دولة ديوان، ويشتهر فى كل دولة كاتب مجيد من أمثال قابوس بن وشمكير والعتبىّ ورشيد الدين الوطواط، ومن أنبه كتاب إيران فى العصر على توالى حقبه ابن العميد الذى أرسى قواعد الكتابة على ركنين

<<  <  ج: ص:  >  >>