للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبقاته موقفه من الأشعرية، وأنه لم يقف على الحياد فى عرضه لهم وللصوفية أيضا. وكان الحنابلة يخاصمون الطائفتين ولذلك يصبّ عليهم جميعا جام غضبه، إذ كان حنبليا متعصبا لأصحاب مذهبه، حتى ليقول السبكى أنه كان إذا ترجم واحدا من الحنابلة يطنب فى وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن، وإذا ترجم أحدا من الأشعرية كإمام الحرمين الجوينى والغزالى وأمثالهما لا يبالغ فى وصفه ويكثر من قول من طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه (١). وكان ينبغى أن يكون منصفا فى تاريخه وتراجمه فيه بريئا من العصبية فى المذهب، ويقول السبكى: «هذا وهو الحافظ المدره والإمام المبجّل فما بالك بعوامّ المؤرخين». وللذهبى تاريخ عام فى مجلدين، وهو مختصر لتاريخه الكبير، رتبه على السنوات وذكر فيه الأحداث والوفيات، سماه «العبر فى خبر من غبر» وذكره يتردد فى الهوامش.

وكان يعاصر الذهبى أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادار صاحب صرخد، وله كنز الدرر وجامع الغرر، ألفه للناصر بن قلاوون وهو فى تسعة أجزاء أولها فى بدء الخلق وثانيها فى الأمم القديمة وثالثها فى السيرة النبوية والخلفاء الراشدين، والرابع فى الدولة الأموية، والخامس فى الدولة العباسية، والسادس فى الدولة الفاطمية، والسابع فى الدولة الأيوبية، والثامن فى دولة المماليك البحرية، والتاسع فى دولة الناصر بن قلاوون، منه نسخة بدار الكتب المصرية وهو كتاب نفيس جدير بالنشر. ونلتقى بابن كثير الذى مر ذكره بين المفسرين المتوفى سنة ٧٧٤ وله البداية والنهاية، وهو فى التاريخ العام، عنى فيه بالسيرة النبوية مميزا بين الوثيق والمتهم فى الأخبار، ومضى فيه يجمع بين الأحداث والوفيات على مر السنين حتى سنة ٧٦٧ للهجرة. وجاء بعده زين الدين بن الشحنة (٢) الحلبى المتوفى سنة ٨١٥ وله فى التاريخ العام «روض المناظر فى علم الأوائل والأواخر» انتهى فيه إلى سنة ٨٠٧ وهو مجلد واحد طبع قديما على هامش الكامل لابن الأثير. ونلتقى بعده ببدر الدين العينى الذى مر ذكره بين المحدثين المتوفى سنة ٨٥٥ نشأ بحلب وتفقه على أبيه وكان قاضيا حنيفا وعلى غيره من فقهاء حلب الأحناف، واختلف إلى شيوخ دمشق وبيت المقدس والقاهرة، وتقلد مناصب مختلفة فى القاهرة ودمشق منها الحسبة وقضاء الحنفية، وله عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان، وهو تاريخ عام من بدء الخليقة حتى سنة ٨٥٠.


(١) انظر السبكى ٢/ ١٣ وما بعدها
(٢) راجع فى ابن الشحنة الضوء اللامع ١٠/ ٣ والشذرات ٧/ ١١٣ والبدر الطالع ١/ ٢٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>