ألا إن لى نفس الوقور وعفّة ال ... قدير وقلبى فى المهمات قلّب
وما كلّ معسول اللّمى يستفزّنى ... ولا كلّ مطلوب لدىّ محبّب (١)
وأحتمل المكروه ممن يملّنى ... ولم ألو جيد الودّ عمن ينكّب
إذا أنا لم أدفع عن النفس ضيمها ... فلا انجاب عنها من دجا الضّيم غيهب
ولا وطئت خدّ الفيافى ركائبى ... ولا سال حزن بالمطىّ وسبسب
وهو يقول عن نفسه إنه وقور عفيف قلّب يحتال فى قوة للأمور، ولا يستثيره جمال المرأة ولا يطلب ما يطلبه الناس، بل يطلب الأمانى الكبار، ويحتمل الأذى ممن ينصرف عنه، ولا ينصرف عمن يعرض عنه من الأودّاء الأصدقاء، ويدعو على نفسه إن لم يدفع الضيم الساقط عليه أن لا ينجاب عنه دجاه المظلم، وأن تهن قواه فلا تطأ الفيافى ركائبه ولا يسيل بها حزن من الأرض ولا مفازة. ويقول من قصيدة ثانية:
يا دهر مثلى لا يقل ... قل عن سنام المجد جنبه
أنا لا أبالى إن رمي ... ت وسبّ عرضى من أسبّه
العين يدميها الذّبا ... ب ويعجز الآساد ذبّه
والتّبر يعلوه التّرا ... ب وفضله باق ولبّه
تكفى فتى العرفان خ ... لاّنا فضائله وكتبه
وارقب خفوقى إن سكن ... ت فعاصفى يرجى مهبّه
والبدر يشرق فى المطا ... لع بعد ما أخفاه غربه
والروض يذبل ثم تك ... سى النّور والأوراق قضبه
وهو يقول للدهر إن شيئا لا يستطيع أن يزعزعه عن مكانه من سنام المجد، وإنه ليرمى، ولا يهمه ما قد يلقى عليه من أذى السب والشتم، مثله فى ذلك مثل العين يدميها الذباب وحتى الأسد لا تستطيع ذبه ولا دفعه ومثل التبر يعلوه التراب وتظل له قيمته ونفاسته. ويفتخر بفضائله ومعارفه، ويقول لخصمه: ترقّب حركتى، فإنى كعاصف ساكن لا يلبث أن يثور ويندفع، وما مثلى إلا كمثل البدر يخفيه مغربه ولا يلبث أن تعم أضواؤه الآفاق، أو كمثل الروض تذيل
(١) اللمى: سمرة حسنة فى الشفا