وهو يستدل على صحة القول بنظرية وحدة الوجود بقوله تعالى فى سورة البقرة:{وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} والآية إنما تشير إلى ان أى مكان من المشرق والمغرب يأمرهم الله باتخاذه قبلة تكون هناك جهته التى أمرهم بالاتجاه إليها لا أنه موجود فيها حالّ بها ومتحد معها كما يذهب النابلسى وابن عربى زاعمين أن ذاته هى ذات جميع الكائنات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. ويقول النابلسى متحدثا بلسان الذات العلية:
ألا إن ذاتى ذات كلّ الخلائق ... وسل عنه ذا علم كريم الخلائق
ولا صفة إلا ومنّى تعيّنت ... لموصوفها إذ كنت أصل الدقائق
أنا الجوهر السّارى بغير سراية ... ألوح وأخفى فى جميع الحقائق
أنا النور نور العين منى تكوّنت ... عيون البرايا من مشوق وشائق
فالله جوهر الوجود، يلوح ويخفى ولا سواه، إذ كل ما فى الكون مظاهر له، يصبغها بوجوده.
ويحاول النابلسى جاهدا أن يفرّق بين القول بالحلول وأن الله يحلّ فى جميع الموجودات وبين ما يزعمه هو وابن عربى من وحدة الوجود، وإنها لتبلغ به أن يقول فى مخاطبة ربه، «ها أنت أنا وليس فى الحضرة ثانى» أو كما يقول:
اثنان نحن وفى الحقيقة واحد ... لكن أنا الأدنى وأنت الأكبر
فهو والله واحد بل جميع الكائنات والله-جل جلاله-واحد. وهى نفسها فكرة وحدة الوجود التى يحاول جاهدا الخلاص منها ولا خلاص فهو غارق فيها. وهو بذلك من أصحاب التصوف الفلسفى على طريقة ابن عربى. وله شرح على ديوان ابن الفارض حاول أن يحيله رموزا خالصة على نحو ما نجد فى شرحه لأول بيت فى القصيدة اليائية بالديوان:
يقول:«سائق الأظعان هو الله تعالى، والأظعان: الناس وكثبان طىّ كناية عن المقامات المحمدية التى عددها كرمال الكثيب، فكأنه يلتمس من الله تعالى أن يوصّله-كما يوصّل جميع المؤمنين-إليها». وابن الفارض لم يقصد إلى شئ من هذا كله، إنما خاطب سائق الأظعان المتجه إلى منازل طى على حافتى نجد والحجاز ليتمهّل قليلا حتى يحيّى من يمر بهم فى طريقه إلى الحجاز معبرا بذلك عن حنينه إليه. وطبيعى وهو قد قرأ ابن الفارض وابن عربى وتمثل كثيرا من