شمس الدين محمد بن إبراهيم المتوفى سنة ٨١١ واشتهر باسم صنعته. شمس الدين المزين: لا نريد إذن بشعبية الشعراء التالين نشأتهم فى أوساط شعبية، وإنما نريد أنهم اتخذوا لغة الشعب العامية لسانا لهم فى أشعارهم.
وكانت قد أخذت تشيع فى الشعر لهذا العصر فنون شعرية عامية هى: الزجل والمواليا، والقوما والكان وكان، ومعروف أن الزجل نشأ فى الأندلس أولا عند ابن قزمان وصحبه فى القرن الخامس ثم شاع فى البلاد العربية. أما المواليا والقوما والكان وكان فنشأت أولا بالعراق ثم أخذت تشيع فى البلاد العربية منذ القرن السابع. وربما كان الزجل أكثرها شيوعا فى الشام يدلّ على ذلك أكبر الدلالة أننا نجد صفى الدين الحلى المتوفى سنة ٧٥٠ للهجرة فى كتابه:«العاطل الحالى» ينوّه بشيوع الزجل لزمنة هناك، ويقول إنه لقى من أعلامه بدمشق شهاب الدين أحمد الأمشاطى إمام هذا الفن الشعبى بها كما لقى بحلب راوية ثقة من أكبر رواته هو ابن الضرير الشيخ الصالح إمام الفردوس، وكان قد جلب لنفسه نسخة وثيقة مقابلة على الأصل من ديوانى الزجالين الأندلسيين الكبيرين: ابن قزمان ومدغليّس حملت إليه من المدرسة الأشرفية بدمشق. ويذكر صفى الدين أنه كان قد حصل على الديوانين فى زيارته لمصر (٧٢٣ - ٧٢٦ هـ) غير أنهما كانا بخط مغربى تعسر قراءة بعضه، فصحح الديوانين بمقابلة نسخة ابن الضرير ومراجعته، وأجاز له بخطه ما نقله عن نسخته، وعرّفه بمشايخ الزجل فى حلب. ومن أعلامه البارعين حينئذ بحماة علاء الدين بن مقاتل، وسنترجم له عما قليل. ولعلنا لا نعجب بعد أن رأينا إقبال أهل الشام على قراءة ابن قزمان ورواية أزجاله أن تكون هى القطر الوحيد الذى احتفظ إلى عصرنا بمخطوطة أزجال ابن قزمان الوحيدة التى عثر عليها جنز برج سنة ١٨٩٦ ونشرها بطريقة الزنكغراف. ولعل من الطريف أن نعرف أن. .
فقيها محدثا كبيرا هو شمس الدين بن الصائغ المتوفى سنة ٧٧٦ للهجرة ألّف شرحا على بردة البوصيرى باسم رقم البردة، استشهد فيه بشعر أهل زمنه فيما عرض له من أنواع البديع وأيضا استشهد بطائفة من محاسن أزجالهم (١)، وفى دار الكتب المصرية مخطوطة من هذا الشرح. وهو اعتراف قوى بالزجل وصلاحيته ليكون مادة لتعليم البلاغة والتطبيق على محسناتها المختلفة.
وكانت المواليا شائعة أيضا، وإن لم يقصر بعض الشعراء نفسه على النظم فيها، وكأنما كان الشعراء يضيفونها إلى شعرهم الفصيح استطرافا، وقلما تصاغ صياغة فصيحة، إذ تطّرد فيها