الثغور، ويلمع اسمه حين تولى مدينة الرملة بفلسطين سنة ٣١٦ ولم يلبث أن تولى دمشق سنة ٣١٨ وجاءته الكتب فى سنة ٣٢١ بولاية مصر غير أنه لم يدخلها، وظل على دمشق حتى ولاه الخليفة الراضى مصر سنة ٣٢٣ وضم إليه البلاد الشامية والجزرية والحرمين. وفى سنة ٣٢٧ خلع عليه الراضى لقب إلاخشيد، وهو لقب ملوك فرغانة موطن أجداده، وغلب اللقب على اسمه. وولى ابن رائق أمر دمشق، فجمع جنده لحرب الإخشيد، وتنشب الحرب، وينعقد بينهما الصلح على أن يترك ابن رائق مدينة الرملة للإخشيد وتظل معه بقية الشام، وسرعان ما يتوفى وتعود ديار الشام جميعها إلى الاخشيد. وتقع وحشة بينه وبين سيف الدولة الحمدانى صاحب حلب ويصطلحان على أن تكون لسيف الدولة حلب وأنطاكية وحمص، أما باقى بلاد الشام فتكون للإخشيد.
ويأخذ البيعة من بعده لابنه أنوجور ويتوفى لآخر سنة ٣٣٤. وكان حازما يقظا فى حروبه وتدبير شئون دولته مكرما لجنوده. ويقال إن جيشه كان يبلغ أربعمائة ألف، وكان له ثمانية آلاف مملوك وكان يحرسه منهم فى كل ليلة ألفان. وكان أنوجور ابنه فى الرابعة عشرة من عمره حين ولى مصر وكانت ولايته اسمية، أما الولاية الحقيقية فكانت لكافور كبير حاشية أبيه الذى اختاره وصيا عليه، وكان عبدا أسود خصيّا، واختلف-فيما يبدو-إلى حلقات العلماء، واشتراه الإخشيد وأعجب به فأعتقه ومازال يرقى به فى المناصب حتى أصبح من قواده. ولما توفى سيده نهض بشئون ابنه أنوجور على خير وجه، وساس مملكته خير سياسة، وكان الحاكم الحقيقى صاحب الأمر والنهى فى إقليمى الدولة الكبيرين: مصر والشام. وكان يدنى الشعراء ويكثر من عطائهم، وزار مصر حينئذ المتنبى، وله فيه مدائح وأهاج مشهورة.
ومازال كافور يدبر أمور الدولة لأنوجور حتى توفى سنة ٣٤٩ وأخذ البيعة من بعده لأخيه على وقام على دولته خير قيام حتى توفى سنة ٣٥٥ فاستقل بالأمر من هذا التاريخ واتخذ جعفر بن الفضل ابن الفرات وزيرا له. وكان يدعى له على المنابر فى مصر والشام ومكة والحجاز. وكانت تقرأ عنده ليلا السّير وأخبار الدولتين الأموية والعباسية، وكان سيوسا ماهرا، من ذلك أنه كان يذعن بالطاعة للعباسيين وفى الوقت نفسه يهادى المعز الفاطمى صاحب المهدية والمغرب ويظهر ميله إليه خداعا. وكان على علم بالعربية، وكان كريما معطاء. وكانت أيامه أيام هناءة ورخاء، ولم يلبث أن توفى سنة ٣٥٧ فعقد أولياء الدولة الولاية لأحمد بن على بن الإخشيد، وكان صبيا فى الحادية عشرة من عمره، واضطربت الأحوال فى الشام اضطرابا شديدا لغارات القرامطة هناك، وعيثهم