للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦٤ إلى سنة ٣٠٢. وتظل مصر تعنى بالطب بعد الطولونيين، وترعاه الدولة الإخشيدية ويلمع اسم الطبيب سعيد بن البطريق بطريرك الإسكندرية المتوفى سنة ٣٢٨ وله فيه مؤلفات (١) مختلفة.

ومن الأطباء لعهد الإخشيد نسطاس (٢) بن جريج، وينشى كافور الإخشيدى مارستانا يرعاه غير طبيب، ومن الأطباء لعهده عيسى بن البطريق أخو سعيد، والبالسى وكان طبيبا متميزا فى معرفة الأدوية المفردة، وله فيها كتاب ألفه لكافور (٣).

وفى ذلك كله ما يدل على أن دراسة الطب ظلت ناشطة فى مصر، وبالمثل ظلت الكيمياء كما أسلفنا، وأيضا ظلت الرياضيات، ولعل خير من يصور ذلك أبو كامل شجاع بن أسلم الحاسب المصرى، عالم زمنه الرياضى، والمظنون أنه كان يعيش فى أواخر القرن الثالث الهجرى وأوائل الرابع، واشتهر بأنه نقّح علم الجبر الذى اكتشفه الخوارزمى. ويذكر ألدومييلى أن له رسالة فى المضلع ذوى الزوايا الخمس ترجمت إلى الإيطالية والألمانية وكتاب الطرائف فى الحساب وقد ترجم بدوره إلى الألمانية، ويذكر أيضا أن لكاربينسكى كتابا عن علم الجبر باسم الجبر عند أبى كامل (٤). ويقول القفطى إنه صاحب مدرسة وإن له تلاميذ تخرجوا فى علمه، لعل منهم على بن أحمد العمرانى الموصلى العالم بالحساب والهندسة الذى توفى سنة ٣٤٤ إذ يقول القفطى عنه إنه شرح كتاب الجبر والمقابلة لأبى كامل شجاع بن أسلم الحاسب المصرى، وله عدة كتب فى التنجيم. على كل حال تدل تصانيف أبى كامل شجاع أنه كان عالما حاذقا فى الرياضيات والهندسة. وكأن مصر ظلت طوال القرون الثلاثة الأولى للهجرة تهتم بهذا الجانب من تراثها العلمى حتى أنتجت فيه أبا كامل شجاعا.

وحقا نهضت بغداد كما مر بنا فى كتابى العصر العباسى الأول والثانى بترجمة التراث اليونانى فى العلوم والفلسفة وأضافت إليه التراث الفارسى والهندى فنقلتهما إلى العربية، وكل ذلك تحوّل سريعا إلى تراث عربى عام للأمة فى بغداد والقاهرة وغيرهما من بلدان العالم العربى الكبيرة، وقد بلغ من تمثل بغداد للرياضيات أن ابتكر الخوارزمى علم الجبر، وبلغ من تمثل القاهرة لما كان بها من مصنفات تتصل بالرياضيات أن تجرد أبو كامل شجاع بن أسلم الرياضى المصرى لتنقيح جبر الخوارزمى. واهتمت البيئات العربية بتنقيحه، فإذا على بن أحمد العمرانى الموصلى يعنى بشرحه


(١) ابن أبى أصيبعة ص ٥٤٥.
(٢) ابن أبى أصيبعة ص ٥٤٤.
(٣) ابن أبى أصيبعة ص ٥٤٥.
(٤) انظر فى شجاع بن أسلم ألدومييلى ٢١١، ٢١٦ وبروكلمان ٤/ ١٩٣ والقفطى ٢١١، ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>