كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف

الفصل الثانى الثقافة - ٤ - علوم القراءات والتفسير والحديث والفقه والكلام - ج: 7 - ص: 143

وله مصنفات مخطوطة محفوظة بدار الكتب المصرية. ونلتقى بكثيرين من فقهاء المالكية فى تاريخ الجبرتى ومن أهمهم الزرقانى (١) أبو عبد الله محمد بن عبد الباقى المتوفى سنة ١١٢٢ خاتمة المحدثين.

وشرحه على موطأ مالك مشهور، وأيضا من أهمهم على (٢) بن أحمد بن مكرم العدوى الصعيدى إمام المحققين وعمدة المدققين المتوفى سنة ١١٨٩ يقول الجبرتى عنه: «قبل ظهوره لم تكن المالكية تعرف الحواشى على شروح كتبهم الفقهية، فهو أول من خدم تلك الكتب بها» ويعدّد حواشيه ومن أهمها حاشية له على شرح الزرقانى على موطأ مالك.

وعلى شاكلة ازدهار مذهب مالك الفقهى بمصر كذلك كان مذهب الشافعى (٣) مزدهرا، بل ربما كان أكثر ازدهارا، إذ نزل الإمام الشافعى المتوفى سنة ٢٠٤ مصر، واكتمل له فيها مذهبه الفقهى. وحمله عنه تلاميذه من أبنائها ونشروه فى العالم الإسلامى، كما مر بنا فى غير هذا الموضع، بحيث غدا أكثر المذاهب الفقهية الأربعة أتباعا. ويتميز مذهبه بإحكامه التوفيق بين المذهب الحنفى مذهب أهل الرأى، والمذهب المالكى مذهب أهل الحديث، وهو الذى أسس علم أصول الفقه بمبحثه الرائع الذى سماه الرسالة وفيها يبحث أدلة الأحكام الدينية وما يتصل بها من طرق الاستنباط والاجتهاد. وله فى الفقه مصنفه المشهور: الأم، وهو مطبوع فى القاهرة مثل الرسالة، وعنى به فقهاء الشافعية طوال هذا العصر فاختصروه وشرحوه مرارا، ومثلهما كتاب السنن المأثورة والمسند. وطبع له على هامش الأم كتاب اختلاف الحديث. وأهم تلاميذه بمصر البويطى والمزنى، أما البويطى فهو يوسف (٤) بن يحيى القرشى الإمام الجليل المتوفى سنة ٢٣١ يقول السيوطى عنه: أحد أئمة الإسلام وأركانه، كان خليفة الشافعى فى حلقته بعده، وله فى الفقه المختصر المشهور الذى اختصره من كلام الشافعى، وحمل إلى بغداد فى محنة القول بخلق القرآن، فأصرّ على رأيه هناك وظل سجينا حتى توفى. والمزنى (٥) هو إسماعيل بن يحيى المتوفّى سنة ٢٦٤ وقد

---

(١) راجع الزرقانى فى تاريخ الجبرتى ١/ ٦٩.
(٢) انظر ابن مكرم فى تاريخ الجبرتى ١/ ٤١٤.
(٣) انظر الإمام الشافعى فى الجزء الأول من طبقات الشافعية للسبكى وتاريخ بغداد ٢/ ٥٦ ومعجم الأدباء ١٧/ ٢٨١ وابن خلكان ٤/ ١٦٣ وتذكرة الحفاظ ٣٦١ تهذيب التهذيب ٩/ ٢٥ وصفة الصفوة ٢/ ١٤٠ وحلية الأولياء ٩/ ٦٣ وألف كثيرون فى سيرته ومذهبه قديما وحديثا.
(٤) راجع فى البويطى السبكى ٢/ ١٦٢ وتاريخ بغداد ١٤/ ٢٩٩ وعبر الذهبى ١/ ٤١١ وتهذيب التهذيب ١١/ ٤٢٣ وابن خلكان ٧/ ٦١ وحسن المحاضرة للسيوطى ١/ ٣٠٦.
(٥) انظر فى المزنى السبكى ٢/ ٩٣ والعبر ٢/ ٢٨ واللباب ٣/ ١٣٣ وابن خلكان ١/ ٢١٧ والنجوم الزاهرة ٣/ ٣٩ والسيوطى ١/ ٣٠٧ وشذرات الذهب ٢/ ١٤٨.