للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤرخ من شروط العدالة والتحرى والتدقيق فى الأخبار مما ينبغى معه رفض الإسرائيليات والأساطير. ويطيل فى بيان أنه ينبغى على المؤرخ أن لا يستشعر عداوة من يعاديهم لأسباب عقيدية أو مذهبية أو شخصية، ويصور الاختلاف العنيف بين المتصوفة وأهل السنة وكذلك بين الشيعة وخصومهم. وينحى باللائمة على الذهبى فى تراجمه لاستطالته على المتصوفة وكثيرين من أئمة الشافعية والحنفية والأشاعرة لمخالفتهم له فى العقيدة الحنبلية. وينقل عن السبكى أنه ينبغى أن لا يؤخذ بكلامه فى ذم أشعرى والثناء على حنبلى. ويفيض فى بيان التحرى فى الروايات والرواة ويبسط الحديث فى نقد المؤرخين وكتاباتهم التاريخية. والكتاب بالغ الروعة والنفاسة.

وكان يعاصره السيوطى الذى مر ذكره بين اللغويين والنحاة والمحدثين وفقهاء الشافعية، وله طبقات الحفاظ وهو مختصر من طبقات الحفاظ للذهبى، وطبقات المفسرين وبغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة، وحسن المحاضرة وهو مبثوث فى الهوامش، وتاريخ الخلفاء والسلاطين من عهد أبى بكر الصديق إلى زمن السلطان قايتباى، ومسالك الحنفا فى والدى المصطفى، ولب اللباب هذب فيه اللباب لابن الأثير ويشتمل على نحو تسعة آلاف اسم وكل هذه الكتب منشورة.

وله وراءها مصنفات أخرى منها سيرة للإمام مالك وسيرة للنووى. ويحتم زمن المماليك بابن إياس محمد بن أحمد الذى عرضنا له بين الجغرافيين، وله تاريخ مفصل عن مصر سماه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور، وهو يتناول فيه باختصار تاريخ مصر، حتى إذا وصل إلى زمن قايتباى (٨٧٤ - ٩٠٣ هـ‍) أفاض فى التاريخ إفاضة واسعة، حتى ليذكر وفيات كل شهر، ومن أهم ما كتبه وصفه لاحتلال العثمانيين مصر مبينا ما ألحقوه بها من دمار ونهب لكنوزها وصناعاتها وعلمائها وصناعها المهرة، حتى ليقول إنهم أبطلوا من مصر خمسين صنعة.

وتظل للتاريخ بقية من النشاط فى زمن العثمانيين، وأول مؤرخ نلتقى به فى عهدهم ابن زنبل الرمال أحمد بن على المتوفى سنة ٩٦٠ وقد مر ذكره بين الجغرافيين وكان موظفا فى ديوان الجيش العثمانى، وله كتاب فتح مصر أو أخذها من الجراكسة على يد السلطان سليم. ويصف معاركه مع الجراكسة فى شمالى الشام وفى القاهرة وعودته إلى عاصمته إستانبول. ويلقانا عبد الوهاب الشعرانى المتوفى سنة ٩٧٣ وقد ألممنا به فى حديثنا عن المتصوفة فى الفصل الماضى، وله طبقاته الكبرى فى تراجم الصوفية على مر السنين حتى زمنه، وهى مطبوعة مرارا. ويلقانا فى القرن الحادى عشر الهجرى زين الدين بن أبى السرور البكرى محمد الصديقى وابنه شمس الدين محمد ولهما كتب

<<  <  ج: ص:  >  >>