للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للهجرة فى وصف فصول السنة، وأهم من ذلك أن له مزدوجة مربعة بناها من أدوار، كل دور بيتان تتحد شطورهما فى القافية افتتحها بهذا الدور (١):

رسالة من كلف عميد ... حياته فى قبضة الصدود

بلّغه الشوق مدى المجهود ... ما فوق ما يلقاه من مزيد

وتلاه بأربعة وأربعين دورا. وقد كثر هذا النظام الدورى المكون من بيتين بيتين، وشاع خاصة فى العصر الحديث إلى اليوم.

ونظام دورى ثان هو المسمّطات شاع مبكرا وعرضنا له فى كتاب العصر العباسى الاول واستشهدنا له بمسّمطين لأبى نواس، أحدهما من أربعة شطور والثانى من خمسة. والمسمّط مشتق من السّمط وهو قلادة تلتقى فيها عدة سلوك عند جوهرة كبيرة، وكل دور فى المسمط كأنه سلك يلتقى مع الأدوار أو الأسلاك الأخرى فى قافية الشطر الأخير من الدور، وكأنها الجوهرة التى تتجمّع عندها الأسلاك. وتتحد الشطور السابقة للشطر الأخير فى قافيتها وتتغير من دور إلى دور.

وممن كان يشغف من المصريين بصنع المسمطات تميم ابن الخليفة المعز الفاطمى وكان شاعرا مجيدا.

ومن مسمطاته مخمّس مدح به أخاه العزيز استهلّه على هذا النمط (٢):

دم العشّاق مطلول ... ودين الصّبّ ممطول (٣)

وسيف اللحظ مسلول ... ومبدى الحبّ معذول

وإن لم يصغ للائم

ويتوالى بعد هذا الدور ثلاثون دورا على هذه الشاكلة، فالشطور الأربعة الأولى تتّحد قافيتها، وقافية الشطر الخامس دائما ميمية، وهى عمود المسمط وقطبه الذى يدور عليه. وقد تدور المسمطات على شطر رابع أو على شطر سادس أو سابع، وتسمى مربعات وسداسيات وسباعيات. وأنشد العماد الأصبهانى مسمطا سباعيّا (٤) لشاعر إسكندرى يسمى موسى بن على وأخذ الشعراء المصريون فى العصور المتأخرة يكثرون من هذه المسمطات وأولعوا بتسميط بعض القصائد المشهورة مثل بردة البوصيرى وهمزيته فى مديح الرسول صلى الله عليه وسلم. ويحصى بروكلمان من تخميسات البردة وتسبيعاتها وتتسيعاتها عشرات أكثرها لمصريين (٥).


(١) اليتيمة ١/ ٣٥٦
(٢) ديوان تميم بن المعز لدين الله الفاطمى (طبع ونشر دار الكتب المصرية) ص ٣٦٨
(٣) مطلول: مهدر ولادية له.
(٤) الخريدة (قسم شعراء مصر) ٢/ ١١٣
(٥) بروكلمان (طبع دار المعارف) ٥/ ٩١

<<  <  ج: ص:  >  >>