للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسكه وعنبره» ويقول إنه ينبغى أن يسبق إليها خاطر الوشاح قبل أن يتقيد بوزن وقافية معينة (١)، ويقول أيضا إن اللحن يستحسن فيها كما يستحسن أن تكون ما جنة. ويلاحظ أن الموشحات من حيث الوزن قسمان: قسم يجرى على أوزان العرب وأشعارهم، وقسم لا وزن له (٢)، إنما يزنه الإيقاع. والقسم الأول هو الأكثر وهو الذى دار على ألسنة العلماء والشعراء.

واختار ابن سناء الملك فى كتابه للأندلسيين أربعا وثلاثين موشحة، واختار لنفسه خمسا وثلاثين، وله وراءها موشحات كثيرة إذ أنشد له أحمد السخاوى فى كتابه: «سجع الورق المنتحبة فى جمع الموشحات المنتخبة» أربعا وثمانين موشحة سوى ما أنشده النواجى فى كتابه:

«عقود اللآل فى الموشحات والأزجال».

ومعروف مدى ما وفره الوشاحون الأندلسيون لموشحاتهم من جمال الجرس والإيقاع متخذين لذلك وسيلتين مهمتين هما صفاء الألفاظ وعذوبتها ورشاقتها، وقصر الشطور، حتى تصبح نغما خالصا يلذّ الأسماع والقلوب، وعرف ابن سناء الملك كيف يمتلك هاتين الوسيلتين، فإذا موشحاته لا تقل روعة موسيقية عن موشحات الأندلسيين من مثل قوله فى مطلع موشحة رواها ابن سعيد (٣):

البدر يحكيك ... لولا تثنّيك

وأنت جنّة (٤) ... الصديق

لولا تجنّيك

لم يلق نعمى ونعيم ... من لم يلاقك

حمّلتنى كلّ عظيم ... يوم فراقك

وإن لى ذنبا قديم ... على عناقك

بالضّمّ أجنيك ... للصّدر أدنيك

لأن لى قلبا رقيق (٥) ... عساء يعديك

والكلمات تطير بخفة عن الفم لحلاوة جرسها وعذوبتها فى النطق والسمع وجمال وقعها فى النفوس والأفئدة، وموشحاته فى دار الطراز أنغام حلوة وصور بديعة، على نمط هذا الدور أو الغصن فى إحدى موشحاته:

وجهك يا أحسن البريّة ... قد جمع الملح والملاحه


(١) دار الطراز ص ٣٢
(٢) دار الطراز ص ٣٣
(٣) المغرب (قسم القاهرة) ص ٣٦٩
(٤) جنّة: وقاية
(٥) فى الأصل رقيقا

<<  <  ج: ص:  >  >>