للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قرب حى الغوريّة الحالى ويقول ابن تغرى بردى: كان أديبا مطبوعا ظريفا له النظم الرائق الفائق ولا سيما نظمه للموشحات فإنه غاية فى ذلك. ويقول ابن حجر: له فى الموشحات يد طولى توفى سنة ٧١٠ وله ثلاث وثمانون سنة. وفى دار الكتب المصرية نسختان من ديوانه غير تامتين، والديوان فى خمسة أقسام: فى مدائح الرسول وأهل بيته وفى مدائح الأمراء والوزراء والكتاب والقضاة، وفى النكت والملح والأفغاز والأحاجى، وفى الغزل والتهانى والتعازى، وفيما وقع بين أدباء عصره وشعراء زمانه، وفى غرائب الأوزان من المخمسات والموشحات. وفى مكتبة جامعة القاهرة مصوّرة منتخبة من ديوانه بخط الصفدى. ويذكر ابن تغرى بردى بعض موشحاته، وبالمثل يذكر طائفة منها ابن شاكر فى فوات الوفيات والنواجى فى عقود اللآل فى الموشحات والأزجال، ومن أطرفها موشحة موزعة بين النشوة بالخمر وبالحب وبجمال الطبيعة استهلّها بقوله:

يا لهلة الوصل وكأس العقار ... دون استتار علّمتمانى كيف خلع العذار (١)

اغتنم اللذات قبل الذهاب ... وجرّ أذيال الصّبا والشباب

واشرب فقد طابت كئوس الشّراب

واختتمها بقوله:

يا ليلة أنعم فيها وزار ... شمس النّهار حيّيت من بين الليالى القصار

وله فى مطلع موشحة بديعة:

ما سلّت الأعين الفواتر ... من غمد أجفانها الصّفاح (٢)

إلا أسالت دما المحاجر ... من غير حرب ولا كفاح (٣)

ومن طريف موشحاته موشحة بناها من رباعيات، كما يقول ابن شاكر، وهى فى الحقيقة مخمس رباعى، وهو يدل كما تدل موشحاته على غزارة ينبوع الشعر عنده، وأنه كان يتدفق على لسانه تدفقا، مع الحلاوة وحسن الألفاظ وجمال النغم والإيقاع.


(١) خلع العذار: كناية عن الانهماك فى المجون
(٢) الصفاح: السيوف
(٣) المحاجر: ما استدار حول العيون وأراد بها العيون نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>