للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السّراج الورّاق من مدحة بديعة (١):

وشيّدها للعلم مدرسة غدا ... عراق إليها شيّق وشآم

ولا تذكرن يوما نظاميّة لها ... فليس يضاهى ذا النظام نظام

فهى فى رأى الوراق تفوق المدرسة النظامية التى أنشأها نظام الملك فى بغداد.

ولا يلبث أن يتولى مقاليد الحكم بعد بيبرس السلطان قلاوون (٦٧٨ - ٦٨٩ هـ‍). ومرّ بنا بناؤه لمارستان ضخم وإلحاقه به مدرسته المنصورية، وفى ذلك يقول معين الدين عثمان بن سعيد بن تولو التنيسى المصرى مستهلا قصيدة فى مديحه بقوله (٢):

أنشأت مدرسة ومارستانا ... لتصحّح الأديان والأبدانا

ونازل قلاوون الصليبيين مرارا، واستولى منهم على بعض الحصون. وخلفه ابنه السلطان خليل (٦٨٩ - ٦٩٣) وكان بطلا مغوارا فافتتح أيامه بجهاد حملة الصليب واستطاع فى أقل من ثلاث سنوات أن يستخلص منهم عكا وصور وصيدا وبيروت وجميع سواحل الشام، فلم تبق لهم بلد ولا قلعة، ومن بقى منهم ولّى على وجهه إلى البحر المتوسط وما وراءه، وكان الشعراء ما ينون يهنئون السلطان خليل بفتوحه، ولبدر الدين المنبجى التاجر بالقاهرة قصيدة طويلة فى تهنئته بانتصاراته المجيدة أولها:

بلغت فى الملك أقصى غاية الأمل ... وفتّ شأو ملوك الأعصر الأول

ونظم كثيرون من معاصريه قصائد وأشعارا مماثلة من ذلك قول البوصيرى شاعر المدائح النبوية المشهور (٣):

قد أخذ المسلمون عكّا ... وأشبعوا الكافرين صكّا

وساق سلطاننا إليهم ... خيلا تدكّ الجبال دكّا

وحقا أشبعوهم صكا وقتلا ودفعا إلى البحر المتوسط فى غير رجعة ولا مآب، فقد سقطت عكا آخر حصونهم، بل لقد دمرتها مجانيق المصريين وحرقتها نيرانهم، وفى ذلك يقول أحمد


(١) الخطط للمقريزى ٣/ ٣٤١
(٢) النجوم الزاهرة ٧/ ٣٢٧.
(٣) ديوان البوصيرى (طبع مطبعة مصطفى الحلبى) ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>