المتمائلة، كما يسوقون له كتاب مختصر المنطق وكتاب السياسة لأفلاطون، وشرح كتاب الثمرة فى الفلك لبطليموس. وقد توفى سنة ٣٤٠.
وتؤكد سيرة أحمد بن يوسف وسيرة أبيه أنهما كانا من أصحاب المروءات، وكانا يحسنان تثمير أموالها فى التجارة والزراعة، فأغدقا كثيرا على كل من رأياه تلم به كارثة أو ينزل به خطب من الخطوب. ولعل هذا الجانب فى أحمد بن يوسف هو الذى جعله يؤلف كتابه «المكافأة». وهو فى ثلاثة أقسام: قسم يضم إحدى وثلاثين نادرة أو حكاية قصيرة تدور حول مكافأة الجميل بالجميل ليرغّب فى عون المنكوب ومد يد المساعدة إليه، وحتى يكافئ الإنسان جميلا بجميل يماثله.
ويعرض ذلك فى النوادر عرضا جذابا بما يذكر من نوادر وقعت فى أيامه وغير أيامه فى مصر وغير مصر. ويتلو هذا القسم بقسم ثان يضم إحدى وعشرين نادرة أو حكاية قصيرة تصور كيف أن مكافأة القبيح تستتبع قبيحا مثله، حتى يرتدع أهل الشر والسوء، ويكفوا عن سوئهم وشرهم لما يجرّان من أوخم العواقب. والقسم الثالث يضم تسع عشرة نادرة أو حكاية قصيرة وهى تصور حسن العقبى وكيف أن أناسا تورطوا فى شر أو بلاء ونجوا منه. والكتاب بذلك دعوة حارة إلى عمل الخير بضرب أمثلة بديعة من النوادر والحكايات القصيرة. وهو مكتوب بفصحى جزلة ناصعة، إذ كان أحمد بن يوسف من كتّاب زمنه البارعين. ويبدو أنه قصد به إلى أن يشيع فى الشعب، ولعل ذلك هو السبب فى أننا نراه يقترب من لغته اليومية، إذ تدور فيه صيغ وتعابير لا تزال تجرى على ألسنتنا فى الحياة اليومية من مثل:
كاد والله يموت فرحا-كثّر الله فى الناس مثله-حصّلنى على الباب أى لحقنى-اعتذرت إليه من تقصيرى فى حقه-امرأة تطلق (أى أصابها المخاض) -ست (أى سيدة) -امرأة مقربة (أى قربت ولادتها). واستخدم قليلا مدّ تاء المخاطبة بحيث تتولد من الكسرة ياء فقال على لسان تاجر يكافئ سيدة على جميل:«هذا جزاء ما قد متيه» كما نقول فى عاميتنا المصرية. واستخدم أيضا مطابقتنا فى العامية بين الفعل والفاعل فى الجمع فقال:«اشتهوا علىّ صبيانى حلواء فى العيد» والفصيح أن يقال «اشتهى علىّ صبيانى». ويكثر من الاستفهام فى الجمل دون ذكر أداة من أدوات الاستفهام كما نصنع أيضا فى عاميتنا. وكثير من نوادر الكتاب واسع الدلالة التاريخية على زمن المؤلف وجوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بجانب دلالته القيمة على الأسلوب الأدبى فى مصر حينئذ، وما كان يستخدم فيه من عبارات لا تزال حية إلى اليوم.