فأخمد الانتقاضة، واستولى غربيها على لبلة وباجة. وكان مما كتب به موسى بن نصير إلى الخليفة يبشره بالفتوح قوله:«إنها ليست الفتوح ولكنه الحشر ولكنها الجنة». وخرج فى ربيع سنة ٩٥ هـ/٧١٤ م-ومعه طارق-بالجيش إلى الشمال لإيبيريا قاصدا سرقسطة مفتاح منطقة وادى نهر إبرو، واستولى عليها كما استولى على لاردة شرقيها، وجاءه حينئذ أمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك بوفوده عليه مع طارق لتقديم تقرير مفصل إليه عن الفتوح، ورأى أن يؤخر الوفود عليه بضعة أشهر حتى يستكمل فتح إيبيريا، إذ رأى بلدانها ومعاقلها فى الشمال تستسلم له دون مقاومة تذكر. وللإسراع بالفتح أمر طارقا أن يتجه بجنده إلى الشمال الشرقى فاستولى على أراجون، واتجه موسى إلى الشمال الغربى، ولحق به طارق بعد استيلائه على أراجون، واستولى فى طريقه على ليون بمنطقة قشتالة، وتوغل موسى فى مسيرته وعبر جبال كنتبريه، واستولى على حصن أبيط فى أقصى الشمال، ووصل إلى خليج بسقاية (بسكاى) على المحيط. وأحس أنه أنهى فتح إيبيريا إذ استولى مع طارق على أقاليم قطالونيا فى الشرق وأراجون والبشكنس وقشتالة وجليقية فى الشمال إلى أقصى الغرب. فرأى أن يلبّى مع طارق أمر الخليفة بوفودهما عليه، وأناب عنه فى حكم البلاد ابنه عبد العزيز. ومن سوء حظهما أن الموت كان قد أسرع إلى الخليفة الوليد، وخلفه أخوه سليمان فلم يحسن لقاء الفاتحين العظيمين، ولم يعودا بعد ذلك إلى إيبيريا، ولا عرف مصيرهما، ويقال إن موسى حجّ مع سليمان سنة ٩٧ هـ وإنه توفى بالطريق فى المدينة أو فى وادى القرى، أما طارق فيبدو أنه عاد إلى موطنه مكتفيا بما أدى فى سبيل الله من جهاد وفتوح عظيمة.
وكان موسى وطارق قد استوليا على أهم البلدان فى إيبيريا، وبقيت فيها بلدان وجهات لم تخضع لهما، فأخضعها ابنه عبد العزيز فى ولايته القصيرة قبل؟ ؟ ؟ مقتله:
(٩٥ - ٩٧ هـ). وكان قد اتخذ إشبيلية عاصمة له، واتجه منها إلى الغرب فاستولى على باجة ويابرة وشنترين وقلمرية، وبذلك استكمل فتح غرب إيبيريا، وكانت لا تزال فى الجنوب الشرقى جهات وبلدان لم تخضع للعرب خضوعا تاما، فرأى عبد العزيز أن يخضعها، وبدأ بمالقة فاستولى عليها كما استولى على غرناطة، وولى وجهه؟ ؟ ؟ نحو إقليم مرسية، ولم تكن أنشئت فيه إنما أنشئت فيما بعد، وكانت أريولة عاصمة هذا الإقليم، وكان يحكمه قائد قوطى تسميه المصادر العربية تدمير، فامتنع فى مدينته وصمد لحصار المسلمين، حتى إذا لم يبق فى قوس صبره منزع لجأ إلى حيلة، هى نشر نساء مدينته لشعورهن ووقوفهن على سور المدينة وبأيديهن القضبان إيهاما للمسلمين بأنه لا يزال فى المدينة عدد